سياسة

غالب البيهاني، "بلا عنوان (مسجد أزرق)"، 2016.

300 كلمة في اليوم (26): لمَن هذه اللوحة؟!

من غرائب القضايا التي قرأتُ عنها أخيرًا: الجيش الأمريكيّ يدّعي ملكيته على رسومات رسمها معتقلون في معسكر غوانتانمو! ففي أكتوبر المنصرم أجري في نيويورك معرض لرسمات أنجزها معتقلون حاليون وسابقون في غوانتانمو؛ 30 لوحة عُرضت ضمن “مَغناة للبحر: فن من خليج غوانتنامو” في كلية جون جيه للعدالة الجنائيّة. في أعقاب هذا المعرض أعلن الجيش الأمريكيّ أنّه يمنع إخراج أيّ عمل فنيّ من المعتقل، مُدّعيًا أنّ هذه الأعمال مُلك للحكومة الأمريكيّة!

300 كلمة في اليوم (24): أسد يبكي في عرينه

الشخصيات التي رسمها أسد عزي في معرض “وجوه من بلدي” هي شخصيات من أهل شفاعمرو، ومن خارجها، من مختلف مجالات الحياة، والانفعال في القاعة كان كبيرًا لأنّ غالبية الحضور كان يبحثون عن بورتريه “قريبهم”، أو يتصوّرون بجانبه. اتصال مباشر وحميميّ بين الفن التشكيليّ وبين مستهلكيه. بورتريهات لأشخاص يبني أسد من خلالهم بورتريه كبيرًا له.

300 كلمة في اليوم (23): مشرق/ مغرب…

الكراهية والخوف والاستحواذ الطائفيّ تسيطر كلّها على قباطنة المشرق العربيّ، بتوجيهات دول عظمى خارجيّة، وتبدو الحرب الطاحنة العبثيّة أقرب من أيّ وقت. ربما علينا أن نعلن وبشجاعة السقوط المجازيّ للقاهرة والرياض وبيروت وبغداد، والتفكير بشكل جديّ بتحويل اهتمامنا ومرجعياتنا إلى عواصم المغرب العربيّ. فبكلّ علّاتها –وهي موجودة- ما تزال هذه الرقعة من عالمنا العربيّ بعيدة عن السرطان الذي ينخر المشرق، وقد يسعفنا ضريح ابن رشد في مراكش!

300 كلمة في اليوم (17): ياباي شو عباله يسمع!

يصف كراجة الصعوبات في السجن أمام سماع الموسيقى: سطوة الأوقات والسجانين؛ تخلق المسجلات والراديوهات الموجودة؛ الديسكات السيئة؛ مراعاة نوم ويقظة الآخرين في الزنازين المزدحمة. “مدافن الأحياء” كما يصفها في رسالته. لو كنا في فيلم لكانت أغنية “هدير البوسطة” التي تلعب الآن في “فتوش”، ودحدوح بجانبي، ستنقلنا بلحظة إلى معتقل عوفر، حيث كراجة يحاول تصويب لاقط المذياع للدرجة الصحيحة، فيما يتحرجم حوله الشباب بحماسة بالغة.

300 كلمة في اليوم (15): بيروت سقطتنا!

تتكسّر بيروت منذ سنوات ونحن نرى صورتنا تتكسّر في شقوقها؛ كنا نتألّم في البداية، نتابع بشغف ما كتبته “الأخبار” وما نشرته “السفير” وما بثته “المستقبل”، وكنتَ تجد في الناصرة ويافا وحيفا فلسطينيّين يعرفون بتمام الدقة متى يستيقظ ميشيل عون من نومه، ومتى يخلد سماحة السيد للنوم، ومتى يشعل جنبلاط أرغيلته، ومتى يضرط جبران باسيل. كانت بيروت وسياساتها جذابة كثيرًا: صحافة مطبوعة وإعلام متلفز وإذاعيّ عصريّان، يتموّلان بأموال نفطيّة غزيرة (نفط عربيّ خليجيّ ونفط أيرانيّ).. مجتمع يرقص ويسكر ويطرب رغم الحروبات والويلات، وكنا نطرب مع لبنان ولا نأبه بأنّ كل الساحة السياسيّة اللبنانيّة ليست إلّا ساحة خلفية ودمًى تحرّكها دمًى أكبر

300 كلمة في اليوم (11): #أين_آمنة؟!

“مرحبا. أنا أسجلكم هذا الفيديو اليوم لإنه ممكن يكون آخر فيديو بحياتي. وبرضو عشان تتأكدوا إنه أنا حقيقية وموجودة… حاليا أنا موجودة، لكن بعدين ما أعرف أيش ممكن يصير. وإذا انتشر هذا الفيديو وأشياء تانية تأكدوا إنه صار لي شي. والدي محمد الجعيد هوا المسؤول عن معاناتي… وبعدين عنفني جسديًا… وهددني إنه يطلعني من الجامعة إذا ما تزوجت… فما كان عندي أي حل تاني إلا إني أقبل الزواج وأنا مكرهة. وللأسف تهديداته ما وقفت على كده. ما زالت التهديدات مستمرة، وأنا ما أعرف أيش ممكن يصير فيني. فأنا احتمال يا إنه أنقتل يا إنه أدخَل إلى سجن دار الرعاية لسنين طويلة… ولضمانة لحياتي المهددة بالخطر فهي حتكون من خلالكم. وأنا حنشر كل الأدلة اللي تثبت كل كلامي. وكل شي حيُنشر عشان يعرف والدي والناس اللي مثله اللي تمارس العنف.. حييجي يوم وترتد الصاعقة عليك.. وحتعرف كل الناس إجرامك وانتهاكك لعرض غيرك. حنزلكم التويتر أكاونت تبع والدي في حال هذا الفيديو انتشر. روحوا عنده واسألواه أيش صار فيني.. أيش سوا فيني…”

300 كلمة في اليوم (10): اليوم العالمي للـ “بُول شِتْ”

في موقعها تشير الأمم المتحدة إلى وجود 145 يومًا دوليًا في شتى المواضيع، ومن يملك الوقت الكافي للاحتفال باليوم العالمي للبريد واليوم العالمي للجبال؟ وكيف يمكن الاحتفال باليوم العالمي للبريد؟ أن نبعث رسائل حبّ للغزال المرسوم على السيارات الحمراء؟ يبدو من معاينة هذه القائمة المرتبة حسب الشهور أنّ الكثير من “المتخوزقين” في العالم يملكون يومًا دوليًا، والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن فورًا: ولماذا لم يحظَ باقي المتخوزقين بأيام دوليّة، وهل هناك لجنة مهنية تجتمع في ريتريتات متكرّرة ولا نهائية في فنادق أربع نجوم للبحث في “بروبوزولات” قدّمتها جهات متخَوْزقة للفوز بيوم عالمي خاصّ بها؟

300 كلمة في اليوم (9): ريفلين والبطّيخ

هكذا، نكأ ريفلين الجرح الذي بدأ يتقيّح ويتّسخ في السياسة الإسرائيليّة، التي بدأت تنزع للفاشية المُمَأسَسة، ليثير أسئلة صعبة أمام اليهود الإسرائيليّين، تنسحب علينا نحن أيضًا، كفلسطينيّين مواطني الدولة. فمن جهة نسمع ونقرأ تصريحات وكتابات لفلسطينييّن من الداخل يعتبرون ما يحدث من صراع سياسيّ بين اليهود في إسرائيل أمرًا لا يعنينا، من مبدأ “بطيخ يكسّر بعضه”، ولأسباب صحيحة تاريخيًا ولا نقاش عليها: دولة إسرائيل مشروع دينيّ- مسيحانيّ تغلّف بممارسات كولونياليّة قام على حسابنا وحساب فلسطيننا، ولذلك فإنّ الصراع على هوية الدولة وطابعها ودفة حكمها ومستقبلها يظلّ أمرًا لا يعنينا، وهو شأن إسرائيليّ داخليّ. وبالفعل: ما هي إسرائيل التي يحنّ إليها ريفلين ويتوق للحفاظ عليها؟ احتلال وتهجير وعنصرية مغلفة بقوانين “دستورية” ومحكمة عليا ومؤسّسات حقوق إنسان وصحافة “حرّة”. ويقول الكثيرون: لذلك، ما يحدث الآن من تطرف وفاشية زاحفة هو أفضل لنا كفلسطينيّين لأنه ينزع الأقنعة عن هذه الدولة.

300 كلمة في اليوم (7): صورة أهليّة

لا أعرف إذا كان العميد في الحرس الجمهوري الأسديّ، عصام زهر الدين، الذي قُتل الأربعاء الماضي، قد امتهن القتل من أجل متعته الخاصّة، أم أنّه كان يقاتل من أجل قناعة لديه بأنه يحمي بلده، ولكنّني أعرف أنّه كان يحبّ التقاط الصور له بجانب أشلاء الجثث. لن أخوض في نقاش المع والضدّ بخصوص مقاتلي نظام الأسد وحلفائه الأجانب المرتزقة، لأنّ ما يعنيني عادة (ككاتب) في مثل هؤلاء الناس: متى بالضبط ينتقل المرء من كونه جنديًا مقاتلًا لغاية أو هدف، إلى روبوت غريب لا يكتفي بتنفيذ الأوامر، بل يبدأ بالتلذّذ بها.

300 كلمة في اليوم (6): “زعران” الحركة الثقافيّة…

تحدثنا أمس، صديقي ماهر وأنا، عن الاعتداء على مقهى ليوان في الناصرة، وكان ماهر قاطعًا وواضحًا: الاعتداء بقنبلة صوتية على حدث ثقافي لا يزيد خطورة أو تميزًا عن سطو مسلح على مصلحة تجارية أو شخص خارج من بنك. العنف هو عنف. حسنًا. مبدئيًا صحيح؛ لكنّ هل هناك فرق مبدئيّ وجوهريّ بين استهداف رجل ما لسرقة 100 ألف دولار منه، وبين استهداف حدث أدبي- ثقافيّ لترهيب الناس وتخويفهم من “الاختلاط” بين الذكور والإناث معًا؟ سيقول قائل: بالتأكيد؛ الحالة الأولى دافعها ماديّ ذاتيّ بحت لا علاقة له بالحيّز المجتمعيّ العامّ، ولا بالصراعات الدينيّة- الثقافيّة التي غزت مجتمعنا منذ سنوات. لكن: أليس استهداف مصلحة تجاريّة ضمن منظومة “الخاوا” هو خلل مجتمعيّ لا يقلّ خطورة عن الصراعات الدينيّة- الرجعيّة- التقدميّة؟

Load more