300 كلمة في اليوم (10): اليوم العالمي للـ “بُول شِتْ”

وهكذا عرفتً قبل قليل أنّ يوم غد، 27 تشرين الأول/ أكتوبر، هو اليوم العالمي للموروث الرقميّ  (World Day for Audiovisual Heritage). وفي صفحة الأمم المتحدة المخصصة لهذا اليوم الهام والمصيريّ كتبت أيرينا بوكوفا، مديرة اليونسكو: “عبر التصاوير والأصوات، يزودنا الموروث السمعيّ- البصريّ بنظرة ثاقبة نحو الماضي كأساس للنظر إلى المستقبل…” مشدّدة على ضرورة الحفاظ على هذا الموروث البشريّ وأهميّته.

ولكن ما الحاجة للأمم المتحدة وعندنا “فيسبوك” و”غوغل”؟ ألم يتحول الموروث البشري منذ مطلع القرن الحادي والعشرين إلى مضامين بيناريّة لا نهائيّة في مزارع “الحواسيب الخادمة” التابعة لفيسبوك وغوغل؟ هل يستطيع اليونسكو أن يجمع ويصنف مواد حياتنا كما نعمل نحن تطوّعًا وطواعية، لندفع فيسبوك وغوغل لربح صافٍ سنويّ يزيد عن 10 مليارات لكلّ واحدة.

وعمومًا: ما الحاجة الحقيقيّة لإعلان هذه الأيام الدوليّة، باستثناء الحاجة الأساسيّة لدى مؤسّسات المجتمع المدنيّ ومؤسّسات الأمم المتحدة لتبرير وجودها ومعاشاتها، ومتى تأثر شخص ما من اليوم العالمي للإنسانيّة مثلا (19 آب)؟

في موقعها تشير الأمم المتحدة إلى وجود 145 يومًا دوليًا في شتى المواضيع، ومن يملك الوقت الكافي للاحتفال باليوم العالمي للبريد واليوم العالمي للجبال؟ وكيف يمكن الاحتفال باليوم العالمي للبريد؟ أن نبعث رسائل حبّ للغزال المرسوم على السيارات الحمراء؟

يبدو من معاينة هذه القائمة المرتبة حسب الشهور أنّ الكثير من “المتخوزقين” في العالم يملكون يومًا دوليًا، والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن فورًا: ولماذا لم يحظَ باقي المتخوزقين بأيام دوليّة، وهل هناك لجنة مهنية تجتمع في ريتريتات متكرّرة ولا نهائية في فنادق أربع نجوم للبحث في “بروبوزولات” قدّمتها جهات متخَوْزقة للفوز بيوم عالمي خاصّ بها؟

من قرّر أنّ 10 أيار هو اليوم العالمي للطيور المهاجرة، وكيف يمكن جمع هذه الطيور المهاجرة في مكان واحد من أجل إجراء ريتريت لها؟ لا يمكن للمرء أن يستهين بأهمية المواضيع التي تخلدها هذه الأيام، ولكن الانطباع الأخير من معاينة هذا الأمر أنّ الإعلان عن يوم دوليّ لشيء أو شخص ما، يطابق الإعلان عن تأسيس لجنة لبحث مسألة ما: دفنها دفنة شنيعة!

(لتدوينات الـ “300 كلمة” السابقة)

 

 

تعليقات (0)
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *