أدب

300 كلمة في اليوم (28): والآن، 1200 كلمة في اليوم!

لقد نجحت العمليّة والمريض لم يمت: استيقظت عضلات المخّ، ونجحت بالعودة للكتابة، لهندسة النصّ وبنائه. الكاتب في النهاية معماريّ يدقّ المسامير ويصبّ الباطون لبناء الجسد النصيّ. وهذه العمليّة تقوّي العضلات أيّما قوة (وهذه شهادة لا غبار عليها من مساعد طوبارجي وقصّار ذي باع كبير في الجّبْل وتركيب السقايل وتربيط الحديد). وعليه، سأنتقل إلى الخطوة التالية: العمل على الرواية اللعينة. طيلة الأيام الماضي منذ بدء هذه التدوينات كنت “أكتب” الرواية أيضًا: أسجّل ملاحظات وأفكار على تطبيق الملاحظات في الموبايل وأعلّق أوراقًا صفراء لاصقة على اللوح الكبير المعلق خلفي في المكتب. ما يشبه جمع المواد من أجل صبّة الباطون.

300 كلمة في اليوم (27): فخّمَ يُفخّم تفخيمًا

ومع ذلك، يظلّ سؤال السبب عن الكتابة والنشر ماثلًا، حتى في سياقاته المضحكة الطريفة. فالأضحوكة تحكي عن الكاتب الشهير جورج برنارد شو، لا أوقعكم الله بلسانه، حين قال له كاتب حقود لا يحبّه: “أنا أفضل منك، فإنك تكتب بحثا عن المال، وأنا أكتب بحثًا عن الشرف.” فردّ عليه برنارد شو: “صدقت؛ كلّ منا يبحث عمّا ينقصه”! فالحاجة لالتقاء الدافعين لا فكاك منها ولا نجاة: دافع الكتابة ودافع القراءة. الأول يطلع من ثنايا حبّ التأثير والبروز والمَلاحة، والثاني يأتي من حبّ الاستفادة والإفادة (من يقرأ، يقرأ على أقرانه)…

300 كلمة في اليوم (21): اكتشاف جميل اسمه إميلي نوثومب

نوثومب من الكتاب الذين يسيطرون سيطرة تامّة على حرفة الكتابة، يتلاعبون بالنصّ والقارئ، يتقنون السَّرد الذي يبدو مسالمًا ظاهريًا وهو يخفي تحته مضامين وصراعات بشريّة معقدة وثاقبة، عنّا كبشر. كتابتها شيقة، وسردها رشيق ومتقن، حتى في لحظات البطء والصمت والحيرة والتفكير، وهي المطبات التي يقع فيها الكتاب عادةً فينغمسون في التحليل والتشعبات والتداعيات وينسون دفع القصة قدمًا..

300 كلمة في اليوم (14): جدّتي علياء وموسم الزيتون

أنا لا أحبّ موسم الزيتون.
كنتُ في الجش طفلًا “غير جسديّ”، أحبّ القراءة والكتابة والبرامج الإنكليزية المترجمة على قناة “سعد حدّاد”. ومنذ أن أخذوني أوّل مرة إلى موسم الزيتون، كرهت هذه العمليّة السيزيفيّة لالتقاط أعداد لا تحصى من الحبّ الأخضر، ومنعنا من ضرب الأغصان بالعصيّ أو “مَشْق” الحبّات مع الأوراق دفعاتٍ دفعاتٍ، لأنّ شجرة الزيتون مُقدّسة جاءت في القرآن، ولا يجوز ضربها أو إهانتها (لا أعرف لماذا لم يحرص الناس مثل هذا الحرص على أشجار التين، الواردة في القرآن أيضًا).

في كلّ سنة كانت النسائم الباردة الليليّة في الجش، نهايات أيلول، تبعث فيّ قشعريرة عميقة، لسبب أيجابيّ لا مجال لذكره الآن، ولارتباط البشائر بموسم الزيتون. أعتقد أنّ الكثيرين ممّن يحبّون موسم الزيتون، يحبّونه للذكريات الجميلة التي راكموها: لمّة العائلة لأيام في الأرض؛ تناول طنجرة المجدّرة وفحول البصل بلا حساب؛ وتكديس “شوالات” الزيتون السمينة في التراكتور أو طَنْدَر البيجو في تشييعها المُفرح نحو مثواها الأخير للمعصرة.

300 كلمة في اليوم (12): قصيدتا حبّ مترجمتان

لانغستون هيوز أديب وناشط أسود أمريكيّ عانى العنصريّة وعانت عائلته العبوديّة، وفي مذكراته كتب أنّ “الكتب (هي) ما يسعدني، وأنا بدأت أومن بالكتب وعالم الكتب الرائع- حيث إذا عانى شخص، عانى في اللغة الجميلة”. هل تتجمّل المعاناة في النصّ؟ لماذا يرتفع الحزن العادي من أمر مبتذل إلى حزن “متميّز” جدير، مختزلًا ملايين الأحزان؟ لمجرد أنّه كُتب حبرًا على ورق؟… كيم أدونيزيو شاعرة وروائيّة عصيّة على التصنيف، حتى بميولها الجنسيّة، ولذلك يمكن ترجمة قصيدتها أدناه بأكثر من وجه: امرأة تكتب لرجل؛ رجل يكتب لامرأة؛ امرأة تكتب لإمرأة؛ رجل يكتب لرجل. وحديثها عن الحلمة و”خطوط الضوء الأنيقة” فوقها لا ينحصر ضرورةً في حلمة امرأة. الحلمتان تنبتان مع بداية الجنين، وتظلّان راسبًا جينيًّا عند الرجال بعد فرز جنسهم في الرحم. مع ذلك، تظلّ الحلمتان عينيِّ الصدر، كما أنّ العينيْن حلمتا الوجه.

بين جوفري وصفّور: أسئلة عن الترجمة

شهادة مترجم: ما هي الأسئلة التي ترافق ترجمة كتاب للأطفال إلى اللغة العربية؟.. أيّ قرارات يجب أن تُتخذ وما هي المبادئ التي يستند إليها المترجمة وهو ينقل عالما لغويًا وثقافيّا إلى عالم لغوي وثقافي آخر؟

سلمان ناطور: الكاتب العائد من نوبة قلبيّة

في منتصف شباط 2005 أصيب الكاتب الراحل سلمان ناطور بنوبة قلبيّة تجاوزها، وها هو الآن، بعد عشر سنوات بالضبط، وفي منتصف شباط، يُصاب بنوبة قاتلة لم تمهله. نُشرت هذه المقابلة معه في مطلع آذار 2005 في صحيفة “المدينة” في حيفا، ونعيد نشرها بعد رحيله المفاجئ والموجع، وفيها خططه للسنين القادمة التي تلت النوبة الأولى، فهل حقّقها؟

حلم السلتيّ: الكابوس الكولونياليّ

يوسا روائي رائع وكبير. فصاحب “حفلة “التيس” غاص في عالم كيسمنت وخرج برواية ضخمة (نحو 560 صفحة) توزّعت على ثلاثة محاور: الكونغو، البيرو، أيرلندة

الوجهة: برلين (1)

مّا شرب الإسبريسو والأمريكانو والنبيذ الأبيض المُطعّم بالماء الغازيّ والجعة الألمانيّة فهي محطّات إجباريّة ودائمة؛ فمن أكبر المُتع في المدن الكبرى التوقف كلّ نصف ساعة لاحتساء شيء ما في مقهى مثير للنظر أو للروائح، على الواقف، لدقائق معدودة، والمضيّ قدمًا في فتح المستور

صراع العشاق على أسوار عكا/ د. صلاح فضل

نرى أنّ وداع كل من القائد الفرنسىّ الذي يقول لها بلغته «أورفوار» ووداع القائد التركيّ الذي لم يثب إلى نفسه سوى في تلك اللحظة، يقدم لنا رؤية تاريخية خصبة، وأمثولة فنية بديعة، لم تجعل السفينة محورها سوى في الظاهر فحسب، بل قدمت رواية أدبية بالغة الوجازة والكثافة الشعرية الرائقة

Load more