ملحق رقم 1: الظرف(2)

“أعلم أنّ هذه الرسالة ستفاجئك، فأنت لا تتوقع مني أن أستمرّ بأية علاقة معك بعد عودتي إلى أميرة، وأرجو منك المعذرة مسبقا لأننا لن ندعوك إلى الزفاف الأسبوع القادم لأسباب لا تخفى علينا الثلاثة. لا أنوي الحديث عن القضية إياها فغريغوري قد ألقي القبض عليه ورُحّل إلى روسيا بعد تسليمه شريط الڤيديو. وإذا قرأتَ التقرير الثاني عن القضية الذي سيُنشر غدًا ستعرف أنّ خالد حمزة كان متورطًا في جلب الفتيات من روسيا وأنه يواجه الآن حكمًا بالسجن لسنتين على الأقل. ما كنتُ خائفا منه يبدو الآن مبالغا به ولا يستحق الاهتمام. على كلّ حال، فكرة الظرف الأول لم تضرّ أحدًا وستبقى مجرد محاولة طبيعية للاحتياط والحذر.

“أردتُ أن أكتب لك لأنني أحسستُ بالحاجة لذلك. لا أدري لماذا ولن أدري في يوم ما. أعتقد أنني أكرهك الآن. نعم. منذ أن عُدنا أميرة وأنا لنصبح زوجًا تغيّرت أشياء كثيرة. أميرة تحبّني جدًا الآن، هكذا تقول هي وهكذا أحسّ أنا- أو هكذا أريد أن أحسّ الآن، على الأقل. يبدو أنّ ما حصل كان ضروريًا للجميع ليفهم كل واحد منا بعض الأشياء عن نفسه وعن غيره. أنا أفهم نفسي الآن  أكثر وأستطيع تحديد بعض الصفات فيّ التي كنت أجهلها أو أتجاهلها. اكتشفتُ أنني أنانيّ ومتحجّر بعض الشيء. كلّ الأشياء التي كانت تضايق أميرة ولم آخذها بعين الاعتبار، فرضتْ نفسها مرة واحدة وجعلتني أواجهها لأول مرة. كنت أمام خياريْن: أن أستمرّ فيما أنا عليه وأن أخسر أميرة للأبد، أو أن أحاسب نفسي مرة وللأبد عمّا كنت عليه، وأن أتفهم ما فعلته أميرة. آثرت الخيار الثاني لأنني اكتشفت أنني أحبّ أميرة حبًا كبيرًا يجعلني قادرًا -مع ما يرافق ذلك من ألم وصعوبة- على المغفرة والنسيان. لا أقول أبدًا إنني نسيت ما حصل- فذلك ما زال يرافقني ليلَ نهارَ. ولكنني أصبحت أكثر قابلية للحديث عن الأشياء والأمور الصعبة. تخيّل، عباس الجنوبي يواجه نفسه وأموره الصعبة.

“أما أميرة فإنّ ما حصل جعلها أكثر صراحة معي في كلّ ما يتعلق بشراكتنا. صارت تحدثني عمّا يضايقها وعمّا تحبه فيّ، صرنا نقضي الليالي الكثيرة في استرجاع الكثير الكثير من الأحداث التي واجهتنا والتطرّق إليها من وجهة نظر مختلفة كليًا. أنا أشعر الآن بأنها أكثر سعادة وهدوءًا.

“إشترينا قبل أسبوع فستان الزفاف وكانت رائعة. حتى إنني أخذت أتخيلها في تلك اللحظة حاملا وبطنها كبيرة ومدورة. كان الشعور رائعًا ولذيذًا وغير قابل للفهم في الوقت ذاته. لا أدري كيف واجهتَ أنتَ الأمر وكيف ستواجهه. أنا أعتقد أنك النذل الحقير في القصة كلها. أنت لم تحبّ أميرة يومًا ولم تتعامل معها بنزاهة. ما اشتهيته فيها حصلتَ عليه. كلّ الباقي هو أنانية طفل ضاعت منه لعبته. لقد كنت صديقًا رائعًا، أجل، ليس من العدل أبدًا إنكار ذلك يومًا. أحببتك وكنت بالنسبة لي الأخ الذي لم تلده أمي. ولكنني الآن أكرهك وأتمنى لك حياة تعسة. كلما اضطجعتُ بالقرب من أميرة وتذكرتُ للحظة أنك فعلت ذلك أيضًا عشرات المرات، من وراء ظهري، تمنيتُ لك حياة تعسة. من المريح لي الآن أن أكرهك، أن أكرهك جدًا.

“لا تحاول يومًا الاتصال بي أو التحدث إليّ. إذا كان هناك أمل ما في المصالحة فسيكون عن طريقي فقط- وهذا أقرب ما يكون إلى المستحيل.”

(إلى صفحة الرواية)

تعليقات (0)
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *