باسبورت

“آلو، شالوم. هل يمكنني التحدّث إلى شولا؟”

“لا أحد يعمل اليوم. مكاتب وزارة الداخلية مغلقة.”

“مغلقة؟ اليوم الثلاثاء.”

“حرب. ألم تسمع بالحرب؟”

“ولكن الحرب في لبنان وكريات شمونة.”

“وهنا أيضًا. أين تعيش؟ ألم تسمع بالصواريخ التي سقطت أمس في الكريوت وحيفا؟”

“وما دخلنا في الكريوت؟ نحن في عكا.”

“دخلنا ونصف! كل المكاتب الحكومية في الشّمال مغلقة.”

“ومن أنتَ؟ ألم تقل إنّ المكاتب مغلقة؟”

“أنا رجل الأمن. أحرس المبنى.”

“ولكنّ المبنى مغلق.”

“لا يهم. لا يمكن ترك المبنى من دون حراسة.”

“وماذا سأفعل الآن؟”

“بماذا؟”

“بجواز السفر. يجب أن أجدده. فأنا مسافر.”

“عليك أن تنتظر حتى تنتهي الحرب. لا أحد هنا ليعالج موضوع جوازك. عن إذنك.”

“ولكن، ماذا سأفعل؟ متى ستنتهي الحرب؟”

“سيدي، أرجوك، لا أحد يعرف متى ستنتهي الحرب.”

“يومًا، يوميْن؟”

“أرجوك سيدي، لا أعرف. طاب نهارك.”

“لا يمكن أن تستمرّ الحرب لأكثر من أسبوع. هكذا قالوا في الأخبار. ألم تسمع؟ قالوا إنّ جميع حروب إسرائيل مع العرب لم تزِدْ عن أسبوع.”

“لا لم أسمع. ولكن هذا مُرجَّح. فنحن سنمعسه مثل الصرصور!”

“من؟”

“نصرالله.”

“كيف؟”

“بالطائرات والمدافع. هل يمكن لهذا المخرب أن يصمد أكثر من يومين قبالة جيشنا؟”

“لا أعرف. هل تعتقد ذلك؟”

“طبعًا.”

“ما اسمك؟”

“فلاديمير.”

“يعني الحرب ستنتهي قريبًا. سيعودون إلى العمل في الداخلية غدًا أو بعد غد…”

“لا أعرف.”

“وماذا سأفعل إذا لم يعودوا إلى العمل يا فلادي؟”

“لا أعرف. طاب نهارك!”

“لحظة! لحظة لو سمحت! هل يمكنني أن أحصل على رقم شولا النقال؟”

“ماذا؟!”

“إنها تعرفني. ستتذكرني. قل لها الكاتب الذي سيُسافر إلى بريطانيا.”

“لا يمكنني مساعدتك بشيء، سيدي.”

“أعطِني رقمها إذًا. إنها تتذكّرني شخصيًا. قبل أيام كنت عندكم واعتنت بطلب إصدار جوازي الجّديد. لقد تحدثنا سوية عن جولتي القريبة في بريطانيا. إنها تعرف بريطانيا جيدًا.”

“لا أستطيع سيدي. هذا ممنوع حسب التعليمات.”

“أنت قل لها إنني أنا من نصَحَتْهُ بالذّهاب إلى بار “الحصان الوحيد” في إدنبره وستعرفني على الفور.”

“لا أستطيع سيّدي. هذا مخالف للتعليمات.”

“أليس مسموح لك أن تتصل بها؟ أنتما تعملان معًا.”

“مسموح لي. ولكن ليس لك.”

“حسنًا. إتصل أنتَ بها وأخبرها بالموضوع وإعطِها رقمي.”

“أرجوك سيدي، دعني وشأني. سأنهي المحادثة لو سمحتَ.”

“ولكنني في وضع طوارئ.”

“الدولة كلها في وضع طوارئ.”

“ولكن طوارئي تختلف عن طوارئ الباقي. هذا طارئ ثقافي.”

“أعذرني سيدي، ولكنني سأنهي المحادثة. أنا أصلا رددتُ عليك بالصدفة.”

“كيف بالصدفة؟ ألا تردّ على الهواتف عادة؟”

“لا. ليس من واجبي. ولكنني اعتقدتُ أنك زوجتي.”

“زوجتك؟”

“لقد هربت مع الأولاد إلى أختها في نتانيا. بقيتُ هنا وحدي.”

“وماذا تفعل هنا وحدك يا فلادي؟ لماذا لم تذهب مع عائلتك؟”

“أختها لا تحبّني أبدًا. فهمتُ من كلام زوجتي أنه من الأفضل لو بقيتُ هنا.”

“هذه قسوة بالغة! أن يتركوك وحدك هنا.”

“أعرف. فلتذهب أختها إلى الجحيم!”

“آمين.”

“إنها تكرهني لأنني تزوجت أختها ولم أتزوجها هي.”

“مكيودة.”

“المؤلم أنني فهمتُ بعد ذلك أنّ العاهرة الحقيقية هي أختها.”

“أختها؟.. زوجتك تقصد؟”

“نعم. تركتني هنا وحدي تحت القصف. سأعود إلى أوكرانيا.”

“وجوازي؟”

“سأنهي المحادثة الآن. طاب نهارك.”

“لا، لا.. آلو، آلو… فلادي.. فلادي!”

لشراء نسخة مطبوعة من المجموعة:




تعليقات (0)
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *