5 ملاحظات على سقوط مخطط برافر

تغيير لجنة المتابعة ومبناها وعملها ■ من ينكر الإنجاز ولماذا؟ ■ والآن؟.. الآن نحو العمل الإيجابي والمبادرة

علاء حليحل

1

سلمت أياديكم/ن وزنودكم/ن وهاماتكم/ن وشبابكم/ن البهيّ. سلم الشبان والصبايا، الجيل الأفضل والأقوى بعد أوسلو. سأتحدّث حالا عن إنجاز إسقاط مخطط برافر، لكنّ الإنجاز الأكبر أنكم حرّرتم العمل الاحتجاجيّ الشعبيّ من براثن اتفاقية أوسلو المهترئة ومن رعب أكتوبر 2000. الأولى قزّمت العمل الشعبيّ باتجاه الاندماج والانخراط، وتداعيات “أكتوبر” وقتل 13 شابًا أحبطت الكثير من النشاطات الجماهيرية فيما بعد؛ فالخوف ساد في كثير من النفوس. أمّا أنتم، فكسرتم أثر أوسلو و”أكتوبر” وأخرجتم الشارع من أيدي من تحجّروا أو سعوا لتحجير العمل السياسي في أروقة برلمان مُعادٍ ولجنة متابعة عاجزة. لقد جررتم الأطر الكسلى والمهترئة وبقواكم الكبيرة أعدتموها إلى الحياة. المهمة الآتية: إسقاط لجنة المتابعة وإقامة لجنة بديلة، منكم وإليكم، ونحن وراءكم ومعكم. لا أملك المعادلة السحرية حاليًا، لكنّ لجنة المتابعة يجب أن تكون مقرّ الحَراك ومنبعه كسقف جمعيّ لا بديل له: الجامعيين والعمال ولجان الأحياء في الصف الأول، ومن ثمّ الممثلين التقليديين للأطر التقليدية. يجب قلب المعادلة واسترجاع زمام الأمور.

2

نحن لا نحرّض على لجنة المتابعة، ولا نملك ترف التهجّم من أجل التهجّم؛ لكنّ لجنة المتابعة تستحقّ وبجدارة كلّ كلمة ذمّ واحتقار. فالخلافات الحزبية والتناحرات التي تسيطر على هذه اللجنة أودت بنا إلى مهالك رئيس باهت ومنقطع، وممثلي أحزاب وحركات يتحيّنون الفرص للطعن وعرقلة العمل المشترك. نحن نريد لجنة متابعة شبابية ومتجدّدة وعصرية، والأهم- لا تسير وفق الحسابات الشخصية الرخيصة والمبنية على “الأنا” المَرَضيّ. يجب أن نتقيّأ هذا الجسد البالي وأن نفكّر مليًا في خطة شعبية اجتماعية تعيد الرونق إلى الشارع وأهله. هذا ما ينقصنا الآن، وحبّذا لو دعا الحَراك الشبابيّ فورًا إلى مظاهرة غضب أمام الاجتماع القادم للجنة المتابعة حتى يخجلوا من أنفسهم ويستقيلوا. هذه هي المعركة الآن، معركة داخلية شرسة يجب أن تُوضع فيها النقاط على الحروف كي يكون بوسعنا التقدّم إلى الأمام، معكم ووراءكم. أنا متأكد من أنّ العديد من أعضاء المتابعة (أعضاء كنيست وغيرهم) أناس جيّدون ويُعتمد عليهم، لكنّ الانتقال من العمل الفردي إلى الجماعي كان دائمًا طامتنا الكبرى. نحن كجماعة سيئون جدًا. هكذا كنا، ونأمل أن نتغيّر بالحراك الشبابيّ.

3

هناك من يحاول الاستخفاف بشكل مَرَضيّ بمظاهرات الغضب الثلاث ضدّ برافر في الأشهر الأخيرة، بدعوى أنّ ليبرمن وبينت أفشلا المخطط بدعم من بيغن. هذه تفاصيل متأخّرة والتعربش بها أشبه بالتمسّك بالنتيجة من دون التوقف عند المسيرة. من يريد أن يفهم الصورة عليه أن يعود إلى الذين بدؤوا بدَحرجة كرة الثلج. هذه الكرة التي كبرت وكبرت وكبرت حتى داست المخطط. مظاهرات الغضب الأخيرة كانت عظيمة، ومن تابع الإعلام الإسرائيليّ رأى أنّ أثرها مستمرّ حتى هذه اللحظة. بدأت التغطية الإعلامية بعلامات استفهام إسرائيلية بلهاء (كالمعتاد): ماذا يريدون؟ من هؤلاء؟ ثم انطلق الخطاب التحريضيّ بأنّ “التجمع” و”الإسلامية” من وراء المظاهرات، ثم بدأ جدال إسرائيليّ داخليّ مُستعر حول مسار برافر وما وراءه، إلى حين تصريحات بيغن وليبرمن وبينت، ثم تجميد المخطط. من يتعامى عن هذه التفاصيل هو مُغرض ومصاب بباقة ملّونة من الإحباطات أو المنافع. من أين كلّ هذا العمى الذي يمنع رؤية السّواعد التي دَحرجت كرة الثلج في المنحدر الطويل؟ ولنتذكّر أنّ ليبرمن وبينت لم يكونا ليخرجا ضدّ المخطط لو أنّ الاحتجاج لم يندلع. كان المخطط سيمرّ بهدوء، فهو كان متفقًا عليه في أروقة الحكومة والكابينيت. ليست ثمة حاجة لدكتوراة في العلوم السياسية لرؤية هذه الأمور البسيطة، غاية البساطة.

4

 قتلني الشاب في مظاهرة حيفا الذي تنكّر بهيئة مهرّج ومعه بندقية بلاستيكية. ما أجمل هذه اللفتة وما أقواها. كم فيها من “الطزّ” الجميل الفنيّ. فلسطينيّ يأخذ الاحتجاج نحو خطوة متقدّمة من الذكاء والفطنة وروح الدعابة، ويضحك في وجه القنابل المسيّلة للدموع والخيول الداعسة. أفضل ترجمة لقصائد الصمود وشعارات الغضب وحِمية الروح الشابة. مُتنكّر مع بندقية بلاستيكية يُسخّف كلّ الشرطيين المدجّجين ويحوّل الضعف (السلاحيّ) إلى قوة إرادة والأهم: إلى احتجاج حيّ ونابض ومُبتكر. لقد حوّلت هذه البندقية البلاستيكية رجال الأمن إلى جنود من البلاستيك، مثل تلك الألعاب البلاستيكية التي يبيعونها للأطفال. وفي هذا بوست مودِرن خلاب (على خلاف العادة).

5

وماذا الآن؟.. مخطط جديد؟.. العرب البدو في النقب والمؤسّسات الداعمة والحَراك الشبابي يملكون البديل. يجب بلورته في مخطط، وتسميته باسم جذاب وسهل التسويق، والانطلاق بحملة إيجابية مبنية على المبادرة وليس ردّ الفعل، نحن نبادر لها، ونحن نفرض الاسم الجديد. هكذا يفعل الشباب.

 (نشرت هذه المادة في موقع قديتا بتاريخ 14 كانون الأول 2013)

تعليقات (0)
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *