“الشريط الملتهب” يفضح سلطة البث الاسرائيلية!

ما حدث مع مراسلة “القناة الأولى” للتلفزيون في إسرائيل هو عيّنة حيّة وواضحة على الفساد والتدخلات السياسية التي سادت وتسود أروقة سلطة البث الاسرائيلية، السلطة التي من المفروض أن تكون “كلب الديمقراطية الحارس” وعضدها * في إسرائيل 2004 اختفى الحياء والخجل وانهارت كل قيم السياسة والاعلام وما بينهما. لقاءان مع الصحفي أفيف لافي وبروفيسور دان كسبي

 علاء حليحل

منذ تعيين يوسف برئيل مديرًا عامًا لسلطة البث الاسرائيلية، في آذار 2002، كتعيين مؤقت لثلاثة أشهر، ثم تثبيته في نهايتها مديرًا عامًا دائمًا، وسلطة البث في تدهور مثابر وواضح نحو تحويلها إلى سلطة بث حكومية بكل معنى الكلمة. فالفرق الأساسي والجوهري بين سلطة بث أو وسيلة إعلام حكومية وبين سلطة بث أو وسيلة إعلام جماهيرية هو فرق حاسم ولا تأتأة فيه، في أيّ نظام ديمقراطي.

إلا في إسرائيل. خذوا مثلا قناة الجيش الاسرائيلي الإذاعية، “غالي تْساهل” في مقابل “ريشت بيت” (“الشبكة الثانية”)، التابعة لسلطة البث الجماهيرية (ما اصطلح على تسميته في الصحف العربية والاعلام العربي: الاذاعة الاسرائيلية). فـ “غالي تساهل” العسكرية هي قناة إذاعية تتموّل من ميزاينة الجيش الاسرائيلي ومديرها قائد عسكري (آفي بنيهو)، شغل -من ضمن المناصب التي شغلها- وظيفة المستشار الاعلامي في وزارة “الأمن”. كما أنّ “غالي تساهل” أنشئت من أجل الجنود والضباط العسكريين لتسليتهم ووضعهم في دائرة الحدث والقرارات، ومن أشهر برامجها برنامج “سلام من أمي”، الذي يبعث بسلامات من الأمهات إلى أبنائهنّ الجنود في الجبهة. هذه هي طبيعة “غالي تساهل” وهذه وظيفتها الحصرية- كأيّ وسيلة إعلام حكومية في أية دولة.

وخلافًا لـ “غالي تساهل”، فإنّ “ريشت بيت” المنبثقة عن سلطة البث، وصاحبة أعلى نسب استماع في إسرائيل على الاطلاق، بدأت تتحوّل إلى ما يشبه “غالي تساهل لايت”، هي واختها الكبرى، القناة الأولى للتلفزيون، من دون أية معارضة أو أصوات جدية، اللهم إلا بعض الاحتجاجات من الصحفيين والعاملين في سلطة البث، الذين يبادرون لخطوات احتجاجية في بعض المرات، وإلى تسريبات عن التطورات والنزاعات الداخلية بهذا الخصوص- في مرات أخرى.

الفكرة من إقامة سلطة البث الاسرائيلية مستقاة من نظام البث الأوروبي: سلطة بث جماهيرية، تتموّل من رسوم يدفعها المواطنون لضمان استقلالها الاقتصادي، وتهدف إلى ضمان بث مستقل ونوعي يوفر للمواطنين في الدولة الديمقراطية آراء مختلفة ومضامين لا تبثها عادة القنوات التجارية، بالاضافة إلى ضمان تمثيل الأقليات في البث الالكتروني في عصرنا الحديث. تمامًا مثل الـ “بي بي سي”، التي شكلت المثال والقدوة عند إقامة سلطة البث الاسرائيلية. ولكن استقالة مدير عام الـ “بي بي سي” نتيجة لأخطاء في التقارير الصحفية (كما حدث مؤخرًا في قضية الحرب على العراق) لا يمكن أن تحدث هنا،  في بلاد السمن والفساد، حيث تخلدت مفاهيم التسيب وعدم المسائلة والانحلال الإداري والأخلاقي، في كل منحى ومنحى من مناحي الحياة في دولة اليهود الديمقراطية.

من العلائم المميزة لهذا التدهور في مكانة سلطة البث الاسرائيلية (الجماهيرية) هروب الكثير من ألمع الصحفيين والعاملين فيها (أيهود يعاري، أمنون أفرموفتش، شلومي إلدار، غيل تماري، يغآل ربيد، يورام أفروتسكي، مئير آينشطاين، رفيق حلبي وغيرهم كُثُر) إلى قنوات تلفزيونية منافسة، تاركين وراءهم هيكلاً من الانصياع التام للحكومة، أعلن عنه برئيل صراحة في لقاء صحفي بعد تسلمه لإدارة السلطة، بهذه الكلمات: “من أنا لأفهم أكثر من رئيس الحكومة ووزراء إسرائيل؟؟” سنعود إلى برئيل ونهجه بعد قليل.

“الشريط الملتهب”

في الأسبوع الماضي نشرت صحيفة “معريف” خبرًا موسعًا عن استقالة الصحفية القديرة أورلي فلنائي-فدربوش من القناة الأولى للتلفزيون (التابعة لسلطة البث)، في أثر تنحيتها عن مجال “العمل والرفاه”، في آذار الماضي، وتعيينها مراسلة للقضاء- المجال الذي لا تضلع فيه أبدًا. وأتت هذه التنحية لأنّ فلنائي-فدربوش كانت مراسلة متميزة وقديرة في مجال تغطيتها للتدهور الاقتصادي والاجتماعي الحاصل في دولة إسرائيل في السنين الأخيرة، وخصوصًا بعد اندلاع الانتفاضة الحالية. وأثناء تغطيتها لهذه الأوضاع تعرّضت بالنقد (الشديد أحيانًا) إلى سياسة وزارة المالية ومن يقف على رأسها، بنيامين نتنياهو ومئير شطريت، التي تُفقر الفقراء وتُغني الأغنياء. ولما اتضح لبرئيل أنّ فلنائي-فدربوش لا تنوي الخضوع البتة لإملاءاته بالتخفيف من نقدها على وزارة المالية ومن يقف في رأسها (فكما أسلفنا، من هم ليفهموا أكثر من وزراء إسرائيل؟!)، أخذ يوجّه لها الانذارات والتهديدات المبطنة إلى أنّ قُرر تنحيتها من مجالها ولمّا لم تجد ما تفعله في مجالها الجديد قدمت فلنائي-فدربوش استقالتها من العمل في القناة الأولى للتلفزيون. ولأنها صحفية جدية فإنه عُرض عليها العمل في تقديم برنامج صحفي تحقيقي في “القناة 8” النوعية.

ولكن قبل أن تستقيل يوم الأربعاء الماضي، قامت فلنائي-فدربوش بتسجيل مدرائها هناك. في إحدى التسجيلات في الشريط يقول لها يورام كوهن، مدير قسم الأخبار المؤقت: “دعكِ من شطريت (مئير- الوزير في وزارة المالية- ع.ح). المدير العام (برئيل) غاضب منك جدًا. أنت تعرفين أننا في فترة حساسة الآن مع الميزانية”. كوهن يقول هذا في أعقاب تقرير نقدي عن وزارة المالية والميزانية المقترحة، حيث بلّغت فلنائي-فدربوش في تقرير لها عمّا قاله شطريت في جلسة للجنة العمل والرفاه التابعة للكنيست: “إذا أراد المسنون مخصصات، فليقوموا من القبور، وعندها سنرى من سيحصل على المخصصات”.

في اليوم التالي لبثّ هذا التقرير اتصل كوهن، بطلب من برئيل، وقال لها: “لقد طلبت منك تغيير ما تقولينه عن شطريت. المدير عصبي جدًا. إسمعي، أنا مهتم بك وبمستقبلك المهني”. قبل هذه الواقعة كان برئيل قد اتهم فلنائي-فدربوش بأنها تسرّب فحوى اللقاءات بينهما وقال لها: “عليك أن تقرري ما إذا كنت تودين أكل العنب أو التعارك الناطور. لأنك لو اخترت التضارب مع الناطور فإنك ستخسرين، لأنني أقوى منك… لقد سئمتُ تصرفاتك. أنت فتاة وقحة ومدللة لا تفعل ما يطلبه منها مدراؤها.”

بعد النشر عن الموضوع كان ردّ سلطة البث على ما يحدث مقتضبًا ولم يتطرق لفحوى الشريط أبدًا!

رأيتُ، سمعتُ

أفيف لافي، من صحيفة “هآرتس”، كان من أوائل من فتحوا وتابعوا ملف ما يحدث في سلطة البث، حتى قبل دخول برئيل إلى الادارة. في زاويته الأسبوعية في ملحق “هآرتس” لشؤون الصحافة والاعلام، “رأيتُ، سمعتُ”، لاحق التطورات السلبية في سلطة البث، على مختلف محطاتها وقنواتها، وكان من أوّل المحذّرين مما قد تؤول إليه الأمور. اليوم، في حديثه لـ “المشهد الاسرائيلي”، يبدو يائسًا أكثر: “كانت سلطة البث الاسرائيلية، دائمًا وأبدًا، خاضعة لضغوطات سياسية. في الحقيقة أنّه لم يتغيّر الكثير في الحكومات المتعاقبة. فكل رؤساء الحكومات الاسرائيلية كانوا يتدخلون في عمل سلطة البث ويؤثرون عليها، ابتداءً من غولدا مئير وحتى أيهود براك وبنيامين نتنياهو وأريئيل شارون.”

– وماذا حدث مع برئيل؟

“هناك عنصران مهمان إنضافا على الوضع الذي كان سائدًا وهذان العنصران هما المسؤولان عن وضع سلطة البث اليوم. العنصر الأول هو ببساطة انعدام الخجل عند السياسيين. فتدخل السياسيين في عمل سلطة البث كسلطة جماهيرية لم يبدأ اليوم. ولكن اليوم ترى هذا التدخل من دون حياء، بفظاظة وعلانية.

“العنصر الثاني هو هوية الشخص الواقف على رأس هذا النظام، برئيل. فمهمة وجوهر هذه الوظيفة يكمنان في أن يكون سدًا منيعًا أمام الضغوطات المفعّلة على السلطة، أن يكون “حارس البيت”. مهمة برئيل هي أن يحمي موظفيه وصحفييه من الضغوطات وليس أن يمارسها هو عليهم. مهمته أن يوفر لهم الاستقلالية ومساحة العمل الممكنة والصحية للقيام بمهماتهم. من هذه الناحية يمكن القول إنّ برئيل هو أسوأ مدير عام شغل هذا المنصب حتى الآن.

“كما أنه أعلن عن سياسته في لقاء لـ “معريف” عند توليه المنصب بأنه أتى ليخدم الحكومة ورئيسها. قالها علنًا. وفي اللحظة التي يتسلم فيها شخص مثله سلطة البث فإنّ حال سلطة البث يجب أن يبدو كما يبدو اليوم.”

– ماذا سيحدث في سلطة البث في تصورك؟

“من الصعب جدًا التكهن بما سيحدث. فمن جهة، هناك حاجة كبيرة وأهمية لوجود بث جماهيري، ولكن عليه أن يكون بثًا جيدًا؛ ومن جهة ثانية كان على سلطة البث أن تُغلَق قبل وقت طويل، بسبب طريقة إدارتها. ولكن ما هو واضح في كل هذا هو أن السلطة تفقد بمثابرة الكثير من شرعيتها ومصداقيتها، فلا جودة تقدمها ولا “ريتنغ”. حتى برنامج “يومان” (المفكرة الاسبوعية في يوم الجمعة- ع.ح.) هبطت نسبة مشاهدته تحت الـ 10% وهو من المفروض أن يكون أفضل برنامج في السلطة وأكثرها مشاهدة.”

– والجمهور؟ ألن يتحرك؟ عصيان ضد دفع الرسوم السنوية؟

“لا، أبدًا. الجمهور في إسرائيل هو جمهور عاجز وغير مكترث وسلبي. الجمهور الاسرائيلي لا يعنيه شيءٌ تقريبًا. لا في المجال السياسي والعسكري ولا في المجال الاقتصادي، ولن تعنيه سلطة البث. لا، أنا لا أعتقد أن التغيير والانقلاب في هذا الموضوع سيأتيان من الجمهور.”

برئيل هو الأسوأ!

بروفيسور دان كَسبي، الأستاذ في جامعة “بن غوريون” في بئر السبع والباحث الأبرز على الاطلاق في مجال الاعلام الاسرائيلي وسلطة البث، يوافق أفيف على رأيه، وفي جعبته السبب أيضًا. كَسبي: “برئيل هو الأسوأ لأنه أتى من منظومة البث باللغة العربية (“التلفزيون الاسرائيلي بالعربية”، أغلق قبل أكثر من سنتين ليتحول إلى “الفضائية الاسرائيلية”، التي أغلقت قبل شهر لينتقل جزء من برامجها إلى قناة “33”- ع.ح.). فهو من هذه الناحية أقل ذكاءً من سابقيه لأنه لم يكن بحاجة في البث بالعربية لأن يخفي ما يفعله ويؤمن به.”

ومن ناحية كسبي فإنّ برئيل لم يبتدئ ما يجري في سلطة البث، بل “هو أضاف للمشكلة. التدهور موجود منذ سنين والسياسيون يعبثون بالسلطة منذ سنين أيضًا. ما فعله برئيل هو تطوير الطريقة والنهج.”

– كيف؟

“هو أقل ذكاءً. بمعنى أنّ ما كان يقوم به المدراء السابقون بالسر أو بالمداراة، فإنه يقوم به الآن علنًا ومن دون مواربة. إسمع، سأروي لك أطروفة: لي صديقة هنا في الجامعة، زميلة من اليمين، قالت لي عن هذا الموضوع مرة: تستحقون ما تتلقونه من برئيل.. هذا ثمن ما فعلتموه بنا سنين طويلة.. برئيل ينتقم لنا… هي أرادت أن تقول إنّ الجمهور في البلاد يتحمل تبعيات الأخطاء التي حصلت في سلطة البث خلال سنوات، وأهمها البث باللغة العربية.”

– البث باللغة العربية؟

“طبعًا. أنظر ماذا يحدث مع البث بالعربية.. أمس سمعت أنهم أقفلوا الفضائية الدعائية وحوّلوا البرامج بالعربية إلى القناة “33”، مشاطرة مع برامج بالعبرية: البرامج بالعربية تنتهي في الثامنة مساء وبعدها تبدأ البرامج بالعبرية. أحد أصدقائي قال لي إنّ المشاهد من خارج البلاد سيعتقد أن العرب في البلاد هم أسعد العرب في العالم لأنهم يذهبون للنوم في الثامنة مساءً…”

بروفيسور كسبي هو عضو الهيئة العامة لسلطة البث، وهو يائس تمامًا: “ليس هناك مع من تتحدث. لا أحد يسمع أو يهتم. مثلا، عندما خرجت ضد الفضائية الاسرائيلية لم يهتم أحد بما أقول والوحيد الذي خرج ضدي في هذا الموضوع كان عاطف معدي، رئيس لجنة البرامج لغير اليهود في سلطة البث.”

– وماذا مع التقارير التي تُحضر كل بضع سنوات لإصلاحات في السلطة؟

“أنا أشفق على الشجر الذي يقطعونه ليصنعوا الأوراق لكتابة هذه التقارير!”

– وما العمل بحسب رأيك؟ إغلاق السلطة؟

“أنا كنت اقترحت ذلك قبل فترة ولم يحدث ذلك. أنا أعتقد أنّ الحلّ يجب أن يبدأ بابتعاد السياسيين عن سلطة البث. ما دامت السلطة تخدمهم فماذا يهمهم ماذا يحدث فيها على مستوى الادارة والفساد. ومتى سيهتم السياسيون بعمل شيء في الموضوع؟ فقط عندما تتوقف السلطة عن تقديم الخدمات لهم، عندما تفقد السلطة مشاهديها ومستمعيها. هذا شق. الشق الثاني يكمن في الحاجة إلى أناس ذوي تطلعات ومدارك إدارية وتنظيمية جديدة، ليصنعوا تنظيمًا يعمل بشكل مختلف.

التعيينات

في تقريره الأخير المنشور في الخامس من أيار الجاري، خصص مراقب الدولة في إسرائيل فصلا عن سلطة البث وعن إجراءات التعيين المعطوبة فيها. وتشكل هذه التعيينات، التي سندخل في تفاصيلها بعد برهة، ضربة أخرى لسلطة البث الجماهيرية في إسرائيل، التي من المفترض أن تكون حامي حمى “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”. فإذا كان هذا ما يحدث في أروقة ومكاتب “كلب الديمقراطية”، فماذا يحدث يا تُرى في أروقة ومكاتب الوزارات والأذرع الأمنية والحكومية؟ من هنا أهمية تقارير مراقب الدولة عن سلطة البث، التي لم يبدأها اليوم. والصورة المنبثقة عن تقريره الأخير هي قاتمة وتضع ادعاء أنّ إسرائيل ديمقراطية غربية متنورة في ورطة كبيرة جدًا!

ما قام مراقب الدولة بفحصه في الفصل المخصص لسلطة البث في تقريره الأخير هو فحص الأبعاد المتعلقة بالطلبات الدُنيا المنصوص عليها في المناقصات المنشورة للوظائف بتدريج الصحفيين، وترقية الموظفين والعمال وتعيين آخرين لوظائف إدارية وتشغيل مستشارين. ويمكن تلخيص أهم استنتاجات مراقب الدولة بشأن سلطة البث بما يلي:

في سلطة البث إجراء لقبول موظفين وعمال لتدريج صحفيين، حتى في حالة افتقارهم للتثقيف الأكاديمي، وهذا الأمر يمكّن من اختيارهم (الصحفيين) لوظائف إدارية في هذا التدريج. هذه الثغرة تشكل سلاحًا في يد برئيل ومدرائه بترقية صحفيين غير دارسين أو متعلمين، المهم أن يبدوا ولاءهم لنهج برئيل الحالي.

مماطلة وتعويق في إجراءات المناقصات المطروحة لوظائف إدارية، والتي لم تتم في الوقت المحدد لها.

أكثر من مناقصة نُشرت أكثر من مرة من دون إجراء اللجان المعنية لأية اجتماعات بصددها.

من تشرين الأول وحتى كانون الأول 2002 نشرت السلطة مناقصات لوظائف إدارية بتدريج صحفيين، حيث عُدلت في هذه المناقصات المتطلبات الدُنيا من موظفين لا يحظون بتثقيف أكاديمي، كل ذلك من دون أن تقرّ اللجنة التنفيذية هذه التغييرات.

لم يُطلب في هذه المناقصات أعلاه، وفي مناقصات أخرى نُشرت في تشرين الثاني 2003، استيفاء لامتحانات تصنيف مهنية خارجية، خلافًا لقرار اللجنة التنفيذية من تشرين الثاني في 2001، الذي ينص على وجوب استيفاء مرشحين لوظيفة مدير قسم وأعلى، لمطلب امتحان التصنيف الخارجي.

في السنتين 2002-2003 رُفّع حوالي 90 موظفًا وعاملاً بعد مرور أقل من سنتين على ترفيعهم للدرجة السابقة، ما يشكل ماسر ترقية أسرع مما اتفق عليه مع لجان العمال والموظفين في التدريجات المختلفة؛ كما رُقّي 23 منهم (25%) مرة في 2002 ومرة ثانية في 2003. وقرر مدير عام السلطة (برئيل)، وخلافًا للمتبع في السلطة، بمنح موظفين من دون مناقصات تعيينًا دائمًا لوظائف كانوا يشغلونها بحسب تعيين مؤقت.

كما أبرمت السلطة اتفاقات مع 5 مختصين خارجيين لتزويدها بخدمات استشارية، بحسب اتفاقات مقاولة، من دون التصديق على ميزانية تمويل هذه الاتفاقيات في الهيئة التنفيذية، ومن دون أن تنظر لجنة مناقصات في هذه الاتفاقات، كما ينص عليه قانون “وجوب المناقصات” من العام 1993. كما مُددت اتفاقيتان مع مستشاريْن انتهت مدتاهما، خلافًا لقرار اللجنة التنفيذية من أيلول 2003 بإنهاء كل التعاقدات مع المستشارين ونشر مناقصة.

لم تبرم السلطة نُظُمًا خاصة لتمثيلها على يد أربعة مختصين أمام جهات خارجية، كما هو منصوص عليه في كتاب نُظُم خدمات الدولة الذي يسري على السلطة، ولم تمنع اثنين من المستشارين من العمل في السلطة أو باسمها، في شؤون يُمنع مقاول خارجي من التدخل فيها. كما أنّ مدير عام السلطة شغّلَ واحدًا من المستشارين في وظيفة مساعد، بناء على عقد مقاولة، على الرغم من أن هذه الوظيفة شغلتها في السباق موظفة في السلطة.

تلقى مكتب مراقب الدولة شكاوى متبادلة كثيرة تشهد على علاقات شخصية وعلاقات عمل متردية بين كبار في سلطة البث، تمسّ بإدارة السلطة السليمة.

(نُشرت هذه المادة في ملحق “المشهد الإسرائيلي” في 2003)

تعليقات (0)
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *