5 ملاحظات على أسطول الحرية: حنين زعبي كمثال

 1

من المتبع في مناحينا أن نخجل من شخصنة النضالات وأن نسعى بكلّ صيحاتنا كي نسبغ القضية العينية لقائد/ة بشعارات الوحدة و”كلنا” و”قضيتنا جميعًا”. ومن الجائز أن يكون هذا الأمر مُحبذًا عندما يكون الفرد الذي في الواجهة انتهازيًا بجدارة أو منتحلا، مثل أن تنشر عن تهديد على حياتك بعد شهر من وقوعه، لمجاراة العناوين الآنية. ولكنّ هذه النزعة سيئة أيضًا في حالة النائب حنين زعبي، التي برزت –هي ورائد صلاح- في الإعلام الإسرائيلي والعربي بعد مجزرة أسطول الحرية.

نحن بحاجة إلى نساء قائدات وبحاجة ماسّة إلى إبرازهنّ بالاسم والصوت والصورة وعدم الاختباء وراء “نحن” مفتعل أو مبالغ به، لاعتبارات تنافسية حزبية (الأحزاب مقابل بعضها البعض والأحزاب على نطاق صراعاتها الداخلية). يجب أن يظلّ اسم حنين زعبي في العناوين رغم الحساسية و”الحَكّة” اللتين يمكن أن يسببهما هذا للكثيرين؛ فالسياسة في عصرنا عناوين وصورة أو كليب من ثلاثين ثانية. أنا كعربي في الدولة لا اسم لي ولا صورة إلا أسماء وصور قياديينا وآخرين من أهل الثقافة والفن، يرانا العالم من خلالهم. يجب أن نحمي هذه الصور والأسماء وأن نبرزها عاليًا، فكلما برزت زاد حضورنا في العالم.

إلى الأمام حنين زعبي ولا تتنازلي عن أيّ لقاء صحافي أو عنوان أو صورة. نحن بحاجة إليك في العناوين.

2

لماذا لم يكد أحد أن “يلتكش” لرئيس لجنة المتابعة العليا، محمد زيدان، العائد من وغى مجزرة الأسطول، كما حدث مع زعبي وصلاح؟ حتى إنّ الكثيرين –بعد كل هذه الضجة في الأيام الأخيرة- لم يسمعوا بوجوده أو لو يسمعوا له صوتًا. أهو تقصير من إعلامنا العربي أم أنّ إعلامنا وجمهورنا باتا يائسيْن من لجنة المتابعة المهترئة إلى هذه الدرجة؟

3

أعجب من التنظيمات النسوية العربية في البلاد (واليهودية طبعًا، ولكن لنترك هذا الآن)، التي لم تحرّك ساكنًا نسويًا بعد الهجمة الشوفونية الذكورية الساقطة على حنين زعبي في الكنيست. كما أنني أعجب وأتساءل حقيقة كيف تعمل هذه التنظيمات النسوية (المعدودة على “الجبهة” و”التجمع” على حدّ سواء)، وبأيّ عقل تفكّر. فالتنظيمات النسوية في العالم تنتظر فرصة لا تتكرر أبدًا كهذه كي تحمل قضية نموذجية بجدارة وتغزو الشوارع والإعلام. ماذا تنتظر هذه التنظيمات؟ وإذا كان الأمر سيكون “مفهومًا” مع هزة رأس عاتبة بما يخصّ التنظيمات النسوية “الجبهوية”، فماذا مع الباقي؟ هل فكر أحدهم بأنّ ربط قضية زعبي بالأجندة النسوية قد يقود إلى مسار خلافيّ لدى جماهيرنا الصامدة؟ وفي حال كان هذا صحيحًا أليس من اللازم على جميع نسويات البلد أن يقررن نهائيًا والآن: أنتنّ حزبيات أم نسويات؟ الاثنتان لا تجتمعان وإذا اجتمعتا فالحسم دائمًا لصالح الحزب. أنظروا إلى “الجبهة” و”التجمع” وسترون الأمر ببساطته.

أين الندوات؟ أين المقالات؟ أين الحملات؟ أين النشاطات؟ أين الأجندة النسوية؟ أين إبراز أنّ زعبي نسوية بارزة ورائدة؟ وأين رفض الذكورية علنا والإشارة إليها كموبق لا يقلّ خطورة عن الاحتلال بذاته؟… إمرأةُ تُهان في المشهد الجماهيري-السياسي العام لأنها امرأة (عزباء في الـ 38 من عمرها) وجميع نسويات البلد غائبات (عن الأفعال النسوية وليس الحزبية). النسوية فعل صداميّ مستمرّ وليست رحلة تسويات مريحة مانعة للإحراجات.

هذا فشل عَرمْرَم يستوجب ألف سؤال وألف محاسبة!

4

أستعجب أيضًا أن يقول سياسيّ بارز من عندنا إنه يغفر لتركيا 400 عام من الاحتلال بعد مجزرة الأسطول. عفوًا؟… من قال إنّ تركيا المهدي المخلص، ولماذا نهبّ كالأطفال السُذج –في كل مرة من جديد- لننقاد وراء حماسة تبرد لاحقًا، متناسين أنّ تركيا دولة مستقلة لها مصالحها وصراعاتها الداخلية المستفحلة، والحزب الإسلامي الحاكم يستخدم غزة وفلسطين في صراعه الكبير مع المحكمة العليا التركية والجيش العلمانيين؟ تركيا ليست ملاكًا يبكي على أقدام الفلسطينيين، وإلا لما اكتفت بالاستنكار كالنعاج عندما فلحوا غزة قبل أقلّ من سنة. وكيف يمكن أن ننسى تخلف وغباء وإكراه 400 عام من الاستعمار لمجرد أنّ الرئيس التركي غضب على دولة إسرائيل؟ أين أسطوله الحربي الذي توعّد به؟ من المفترض بالسياسيين أن يقودوا الناس، أن يوجّهوهم، أن يصوّبوهم، لا أن يركبوا على موجات الحماسة الشعبوية الإنفعالية.

نشكر تركيا على دورها الحالي ونأمل أن لا يتغير موقفها أو أداؤها وفقا لتطورات علاقاتها وغزلها الدائم مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

5

كان من الخطأ أن يقاطع النواب العرب جلسة الكنيست التي ناقشت مسألة تجريد النائب حنين زعبي من بعض امتيازاتها. لماذا مقاطعة مثل هذه الجلسة وعدم مقاطعة النقاش في الهيئة العامة أو لقاء في القناة الثانية مثلا؟ في جميع هذه الأماكن اللعبة “مَبيوعة” إذا كان هذا السبب. يجب أن نكون حذرين في مسألة المقاطعة هذه. من يرغب في لعب اللعبة السياسية والإعلامية عليه أن يكون مثابرًا فيها وواضح الرؤية. كان على زعبي أن تكون هناك أيضًا، وأن تقشر المزيد من طبقات الحقارة التي يرتع فيها الكنيست الإسرائيلي.

 (نشرت هذه المادة في مدونة علاء حليحل في تاريخ 10 حزيران 2010)

تعليقات (0)
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *