300 كلمة في اليوم (13): سيلفي فوق، سيلفي تحت…
من المسلمّات في أيامنا الفرتواليّة هذه، أنّ الصورة أضحت بألف لايك، وأنّ أيّ محاولة لنشر رابط لمقالة من دون صورة (حتى لو كانت 300 كلمة فقط!) ستُمنى بهزيمة لايكيّة نكراء، بل وحتى رسائل احتجاج وتشهير بالذي تجرّأ على نشر “شيء” لا يمكن استهلاكه من دون الضغط على المثلث الصغير في الوسط.
البشر يتقنون التأقلم، ومن هنا تطوُّر مقطع جديد في الدماغ لدى من هم دون العشرين عامًا، مسؤول بشكل مطلق وبـ “فول تايم جوب” عن ترتيب وهندسة وإخراج لقطات السيلفي للفيسبوك والإنستغرام. والبحث الأخير الذي أجري في جامعة “ساسكاتشوان” بكندا، يضيف معلومة جديدة أعتقد أنّ الجميع كان يعرفها لكنّها الآن حظيت بختم أكاديميّ رفيع: الرجال يختلفون عن النساء في تقنيات التقاط السيلفي (أيضًا!).
فالرجال يميلون –بحسب الدراسة- لالتقاط صور السيلفي و”تلفونهم” على مستوى الخاصرة تقريبًا، لأنّ هذا ينشئ وهمًا بصريًّا بأنّهم أطول وأمتنَ جسديًا، وهذا طبعًا ما يتمناه كلّ حامل للتوستورون منذ أن ابتلع الرفيق آدم التفاحة المشؤومة: إذا كنتَ رجلًا أطولَ فيمكنك أن تكون أقوى بالضرورة، وبالتالي ستكون مجديًا في جمع الطعام وحماية العائلة والسيطرة على جهاز التحكم عن بعد أمام التلفاز.
في المقابل، تنزع النساء لالتقاط صور السيلفي –بحسب البحث- وجهاز “تلفونهنّ” فوق رؤوسهنّ. لماذا؟.. لأنّ هذه الزاوية في التقاط الصور، ووفقًا لمبادئ “البيرسبيكتيف” الأساسيّة، تخفي وتصغّر كثيرًا ما هو تحت، وتكبر ما هو فوق.
وقد اختار طاقم البحث عيّنة من 900 بروفيل على تطبيق “تندر” للتعارف، من الرجال والنساء، وهو تطبيق يعتمد بشكل أساسيّ، وكانطباع أوليّ، على صورة البروفايل التي ينشرها الباحث(ة) الضالّ(ة). وهكذا، يرى الباحثون أنّ هذه الصور تشكّل عمليًّا عصارة ما يهتمّ به الشخص أثناء تصوير أو اختيار الصورة، تلبية للتّصويرة (Image) التي يريد بيعها لسكان الكرة الأرضيّة الذين يهمّه أمرهم بشكل خاصّ (أعضاء “تندر”).
وبكلمات أكثر أكاديميّة- والحديث لطاقم البحث: “عندما التقاط “سيلفي” لبروفيل تعارف إنترنتيّ، يقوم الناس وبشكل غريزي بالتلاعب بزاوية الكاميرا من أجل تضمين الشكل الذي يرغبون بالظهور فيه أمام الجنس الآخر”.
(لتدوينات الـ “300 كلمة” السابقة)