300 كلمة في اليوم (8): متعة وفرجة للأطفال
يوم أمس السبت، اصطحبْنا دشدوشة ودحدوح إلى العمل الجديد الذي انطلق به الممثل والمخرج أيمن نحاس، برفقة الموسيقيّ فرج سليمان: “شو قصة المثل؟”. العمل خليط جميل وممتع بين الفرجة المسرحيّة وبين “رفع الكلفة” مع جمهور الأطفال: أيمن يبدأ العرض بأزمة عدم حضور الممثّلين، ولذلك يدعو أطفالًا من الجمهور لأداء الأدوار المختلفة. يُلبسهم بملابس ويزوّدهم بأغراض (بْروبْس) ويروي قصة ثلاثة أمثال بمشاركتهم.
السحر الذي يحدث على “الخشبة” مثير جدًا للممتعة والأسئلة: فأيمن لا يعرف بالضبط من سيقوم من الأطفال للعمل معه، وكيف ستكون شخصياتهم وهل سيتعاونون حتى النهاية. أحدهم (غسّان) طفل استعراضيّ بالفطرة، لا يخاف ولا يخجل ويتقمص الأدوار بسهولة، وشارك في قصتين لمثليْن. طفلة أخرى بدأت بالعرض ولكنها ندمت وجلست في منتصف القصة فاضطر أيمن للارتجال. نورة القمّورة، ابنة أخي عامر وسَهير، تطوّعت بشكل مفاجئ للتمثيل، وأدّت الفقرة حتى نهايتها، بجمال طفلة ما زالت تتعلم بناء الجُمل، وبعد أن جلست بدأت تطلب أن تقوم وتؤدّي دور الملك الذي كان يؤديه طفل آخر!
دشدوشة كانت ترغب في سرّها ولكنها شعرت بالخجل، وعندما خرجنا قالت إنها لن تخجل المرة القادمة وستشارك في التمثيل. اختلافات كبيرة وبارزة بين شخصيات الأطفال، تراها أمامك وببثّ مباشر، تجسّد النظريات البحثيّة عن تطور الأطفال والاختلافات بينهم، لدرجة تجعلك تشكّ بعمق بجدوى “التربية والتعليم” إذا كانت جينات كلّ طفل قد تحدّدت سلفًا لترسم معالم شخصيته في هذا العالم.
الأمثال التي مثّل أيمن القصة من ورائها: “حبل الكذب قصير”، “كلام الناس بوجع الراس” و”بين حانا ومانا ضاعت لحانا”، وكلها تتعلق بظواهر اجتماعيّة- حياتيّة هامّة للأطفال، ومن هنا القيمة التربويّة للعمل، إلى جانب المتعة والفرجة والتفاعل المثير في هذه الساعة الجميلة.
استطاع أيمن وفرج أن يقدّما ترفيهًا ممتعًا بين ثناياه مضامين اجتماعيّة هادفة، بدون أن تغلب المضامينُ العناصرَ المسرحيّة والمتعة الفرجويّة، وحبذا لو تنازل أيمن عن أمثلة فيها أفكار مسبقة مثل “طب الجرة على تمّها”، وأعطى حيزًا أكبر بقليل لارتجالات الأطفال وتخبّطاتهم.
عرض جديد كل أسبوعين في جمعية “سرد” بحيفا.
(لتدوينات الـ “300 كلمة” السابقة)