300 كلمة في اليوم (26): لمَن هذه اللوحة؟!
من غرائب القضايا التي قرأتُ عنها أخيرًا: الجيش الأمريكيّ يدّعي ملكيته على رسومات رسمها معتقلون في معسكر غوانتانمو! ففي أكتوبر المنصرم أجري في نيويورك معرض لرسمات أنجزها معتقلون حاليون وسابقون في غوانتانمو؛ 30 لوحة عُرضت ضمن “مَغناة للبحر: فن من خليج غوانتنامو” في كلية جون جيه للعدالة الجنائيّة. في أعقاب هذا المعرض أعلن الجيش الأمريكيّ أنّه يمنع إخراج أيّ عمل فنيّ من المعتقل، مُدّعيًا أنّ هذه الأعمال مُلك للحكومة الأمريكيّة.
وقال أحد القيّمين على المعرض إنّ الغاية من ورائه إظهار إنسانيّة المعتقلين المنسيّين هناك، فيما رأت السلطات الأمريكيّة بالأمر خطرًا محدقًا. وكانت هذه الأعمال المعروضة قد أُخرجت من المعتقل بعد إذن خاص من الرئيس الأمريكي السابق أوباما. وقال أحد المحامين إنّ الأمر عُرف بعد منع إخراج اللوحات الذي كان ممكنًا حتى قبل فترة وجيزة، وأنّه علم بأنّ إدارة السجن تخطّط لحرق رسومات المعتقلين لديها، فيما قال محامٍ آخر إنّ إدارة السجن ستفرض قيودًا على عدد الرسمات المسموح إنجازها لكلّ معتقل، في الوقت الذي أكّدت فيه ناطقة عسكريّة أمر المنع وقالت إنّ هذا نابع عن تغيُر في السياسة المتبعة.
وتسوّغ وزارة الدفاع الأمريكيّة سيطرتها على هذه الأعمال الفنيّة بأنّها تُنتج في سياق دورات للرسم في المعتقل (بدأت عام 2009)، ولذلك فإنّ أيّ معتقل لم يُفرَج عنه لا يملك الحقّ ببيع أو عرض رسوماته، على عكس أولئك الذين أطلِق سراحهم. وبهذا، تتضح المفارقة الكبرى: يمكن للأسرى المحرّرين أن يبيعوا رسوماتهم التي رسموها في معتقل غوانتانمو، لكن لا يمكن أن يطالبوا باستعادة كرامتهم والسنين التي قضوها تحت التعذيب والعزل من دون محاكمة شفافة ونزيهة.
في كُتيّب المعرض كتب عمّار البالوشي، الذي ما زال معتقلًا: “أعتقد أنّ الفنّ وسيلة لمحاولة التعبير عن الألم (الجسديّ والذهنيّ) المتأتّي عن الخضوع للتعذيب لأكثر من 14 عامًا”. وكتب جميل أميزيان الذي أطلق سراحه عام 2013: “مثّل العمل الفنيّ شكلًا من التعبير أثناء فترة الاعتقال: التعبير عن مشاعري المتعلقة بالمستقبل الغامض؛ عن الأمور التي حُرمنا منها والأمور التي حلمتُ بها”.
(لتدوينات الـ “300 كلمة” السابقة)