300 كلمة في اليوم (14): جدّتي علياء وموسم الزيتون
أنا لا أحبّ موسم الزيتون.
كنتُ في الجش طفلًا “غير جسديّ”، أحبّ القراءة والكتابة والبرامج الإنكليزية المترجمة على قناة “سعد حدّاد”. ومنذ أن أخذوني أوّل مرة إلى موسم الزيتون، كرهت هذه العمليّة السيزيفيّة لالتقاط أعداد لا تحصى من الحبّ الأخضر، ومنعنا من ضرب الأغصان بالعصيّ أو “مَشْق” الحبّات مع الأوراق دفعاتٍ دفعاتٍ، لأنّ شجرة الزيتون مُقدّسة جاءت في القرآن، ولا يجوز ضربها أو إهانتها (لا أعرف لماذا لم يحرص الناس مثل هذا الحرص على أشجار التين، الواردة في القرآن أيضًا).
في كلّ سنة كانت النسائم الباردة الليليّة في الجش، نهايات أيلول، تبعث فيّ قشعريرة عميقة، لسبب أيجابيّ لا مجال لذكره الآن، ولارتباط البشائر بموسم الزيتون. أعتقد أنّ الكثيرين ممّن يحبّون موسم الزيتون، يحبّونه للذكريات الجميلة التي راكموها: لمّة العائلة لأيام في الأرض؛ تناول طنجرة المجدّرة وفحول البصل بلا حساب؛ وتكديس “شوالات” الزيتون السمينة في التراكتور أو طَنْدَر البيجو في تشييعها المُفرح نحو مثواها الأخير للمعصرة.