“شرم” مربط خيلنا
علاء حليحل
غريبة هي العلاقة بين إسرائيل، على مختلف مشاربها وقطاعاتها، وبين شرم الشيخ. فقد تحول هذا المنتجع الكبير إلى فسحة الأمل الاسرائيلية، يؤمّه خلق الله من شعبه المختار، بلهفة وشعور بالبيتوتيّة، وكأنهم لم ينسحبوا من سيناء لبرهة.
فالشباب من الاسرائيليين يحجّون أكثر من مرة في السنة (وهناك المدمنون الثقيلون الذين يعودون لزيارات متفرقة إلى البلاد، أحيانًا)، للاصطياف والتبطح على ساحل البحر الأحمر، وتدخين خيرات الأرض الخضراء، ونسيان الخدمة في المناطق الفلسطينية المحتلة، والشاب الذي ضربوه على الحاجز، والشيخ الذي ضحكوا عليه وهو يحاول القفز من على باطون الجدار، والمرأة التي أهانوها بتفتيش قذر يتقنونه هم أكثر من غيرهم!
والسياسيون الاسرائيليون، بدعوة أوتوماتيكية وغير مردودة من الرئيس المصري حسني مبارك، يهرولون إلى شرم الشيخ لعلّ في الأمر خير، وعسى أن تكون هذه المرة أفضل من “شرم الشيخ” التي سبقتها، وحالهم كحال الممثل المصري سعيد صالح في مسرحية “مدرسة المشاغبين”، ينصح أستاذه المختل: “كلّ ما تِتزنق إألعْ”!
ويبدو أنّ إسرائيل والفلسطينيين كلّما انزنقوا طاروا إلى شرم الشيخ!
كما أنّ عدوى الهجيج إلى “شرم” انتقلت إلى الكثير من أبناء الأقلية الصامدة، تقليدًا أو انطلاقًا من رغبة قلبية حقيقية لا تُقاوم، فتعتقد أنّ “شرم” هي حي من أحياء الناصرة أو أم الفحم، يغني فيها ملحم بركات حتى الصباح.
لا بأس من محاولة “التهدئة”، ولكن لا بأس أيضًا من الكفِّ عن ارتياد شرم الشيخ (أو طابه) كلما دقّ الكوز في الجرة؛ وكأنّ قمةً في القدس أو في غزة لن تأتي بنتائج مشابهة لتلك التي في “شرم”.
في قمم شرم الشيخ ما يبعث على التشاؤم سلفًا، وأرجو أن أكون متشائمًا مزمنًا ليس إلا، وأن يعود محمود عباس بإنجاز تحرير الأرض والانسان.
(نشرت هذه المادة في موقع ’عرب48’’ بتاريخ 6 شباط 2005)