هيك مضبطة…
أقرّ الكنيست الإسرائيلي، أمس الأول الأربعاء، بالقراءة التمهيدية، قانوناً يمنع زيارة سجناء سياسيين ينتمون إلى فصائل تحتجز أسرى إسرائيليين، حيث ينصّ القانون على منع أيّ نوع من الزيارة من الأهل أو منظمات إنسانية أو مُحامين.
والحقيقة أنّ خيال اليمين الإسرائيلي الفاشي لم يعد يصدمنا، بقدر ما صار يثير حموضة خفيفة تتكون في المعدة، لتصعد نحو الفم، تاركةً فيه آثارًا من المرارة المشوبة بالقرف. فردّ الفعل البيولوجي هذا على هكذا قانون، بعد سلسلة قوانين فاشية سنّها الكنيست في السنوات الأخيرة، هو الردّ الأولي إثر سماع مثل هذه التشريعات، ولكنه ليس بالردّ الوحيد أبدًا.
فيمكن مثلا، في خضمّ هذه التشريعات، وبعد هذا التشريع الأخير حصرًا، الطلب من نائب عربي في الكنيست (ولنقل من “التجمع”) تقديم اقتراح قانون ينص على منع محادثة كل فرد من العائلة والأصدقاء والمقربين، لكلّ جندي شارك أو يشارك في عمليات خطف واعتقال احتلاليين ضد فلسطيني، لنقل لشهرين على الأقل. كما يمكن أن ينصّ القانون على منع أيّ تواصل حميمي أو عاطفي بين أيّ جندي كهذا وبين زوجته أو صاحبته أو صاحبه، لفترة لا تقلّ عن عدد أيّام الاعتقال لكلّ مخطوفٍ فلسطينيٍّ، والتي تتجدّد أوتوماتيكيًا كل ستة أشهر بأمر اعتقال إداري، فيمكن عندها في نصّ اقتراح القانون استحداث مصطلح “أمر منع إداري” يكون مُخصّصًا لمُجرمي الحرب الإسرائيليين من جنود وقياديين.
كما يمكن تطوير هذا الاقتراح أكثر وتوسيع مداه ليشمل تجميد حياة كل جندي يشارك في جريمة حرب احتلالية كهذه، ليُمنع من مواصلة تعليمه بعد خدمته الفاشية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، أو منعه من بناء أو شراء بيت له، أو الزواج وإنجاب الأطفال، تمامًا كما يحدث مع كل فلسطيني يُختطف.
أما في حالات الاغتيال المتكررة يوميًا، إما من خلال قصف جوي “ذكي” أو من خلال حملات مداهمة “متخلفة”، فيجب طرح بند يُخيّر الجندي/الطيار المشارك في الاغتيال بين أمرين: الاستسلام الفوري والتقدم للمحاكمة في محكمة حقوق الإنسان الدولية، أو تقديم الاعتذار للشعب الفلسطيني والعمل عشر سنوات في أعمال تطوعية في خدمة اللاجئين الفلسطينيين- طبعًا بعد أن يقضي محكوميته وفق القانون، عقابًا على القتل المتعمد والمخطط.
وبين المزاح والجدّ، لا بدّ أن يقوم نائب عربي (أو يهودي) ليطرح اقتراح قانون عبثي كهذا، كي يضع الجميع في محكٍّ وجوديّ غير سهل: إذا كنتم تسمحون لفاشيتكم بالتمادي إلى هذا الحدّ من الانحطاط، فلماذا لا نضع مرآة ساخرة أمام وجوهكم القبيحة ونجعلكم تتقيّأون استنكاراتٍ ليومين كاملين، في “ريشت بيت” والقناة الثانية؟
هل هذا الاقتراح أكثر جنونًا مما يحدث اليوم في الكنيست الفاشي؟ لا أعتقد. وأرجو أن يأخذه أحد ما على محمل الجدّ.
(نشرت هذه المادة في مدونة علاء حليحل في تاريخ 26 كانون الثاني 2008)