مطلــوب متظاهــرون؟
ها هو وزير الثقافة الإسرائيلي، غالب مجادلة، يفتتح مهرجانا مسرحيا آخر (مهرجان “مسرحيد” في عكا)، كما افتتح وسيفتتح مهرجانات وعروضًا ثقافية تجري في المجتمع العربي عندنا، بصفته وزيرًا مسؤولا (للأسف) عن هذه النشاطات.
ما يثير الخيبة والضحك من شرّ البلية أنّ عددًا من الذين تظاهروا ضد حضور مجادلة لافتتاح مسرحية “حارق المعبد” في مسرح “الميدان” في حيفا، قبل عدة شهور، يشاركون في هذا المهرجان الذي يرعاه وسيفتتحه مجادله وزلمه في الدوائر الثقافية الإسرائيلية. يوجد ممثل مبتدئ شارك في المظاهرة إياها وها هو يشارك الآن في مهرجان سيأتي مجادلة لافتتاحه. هل سيتظاهر ضده ليلة الافتتاح؟ كيف يعمل الآن بنقود مجادلة وعكاكيزه من “مباي”؟ وأولئك من الفنانين المحمومين الذين استغلوا مبادئ وطنية كي يحتجّوا على مصلحة شخصية صرفة، هل سيأتون للتظاهر في عكا؟
هل اعتقدتم أنّ هذه قمة السخرية والعهر السياسي؟ كلا؛ فأحد العاملين في الصحافة المحلية تظاهر وقتها ضد عرض “حارق المعبد”، وبعد انتهاء المظاهرة وجده مدير المسرح جالسًا في الصف الأول لحضور المسرحية، تحت تبرير: “هاي لحال وهاي لحال”!
أعتقد أنّ جميع الذين تظاهروا وقتها لن يتظاهروا ضد مجادلة في “مسرحيد”، إما لأنهم يعملون الآن ومستفيدون، وإما أنّ لا مصلحة شخصية أو حزبية لهم كي يستغلوا المظاهرة لأجلها. هذه ليست ملاحظات مع “الميدان” أو غيره؛ هي ضد نهج مجادلة في تحويل أموال عامة من حقنا إلى منّة من مختار عربي يلبس بدلة وربطة وعنق، وهي أيضًا ضدّ النفاق والتزلف وعدم المبدئية والمثابرة عند بعض أهل ثقافتنا.
هذه التسجيلات هي متابعة ومراجعة ومساءلة يحق لنا طرحها (وسنعيد الكرة في كل مناسبة لوضع النقاط على الحروف) كما يحق لجميع من يودّ التظاهر أن يتظاهر. في رأينا، حتى تسويغ “هاي لحال وهاي لحال” لن ينفع هذه المرة.
(نشرت هذه المادة في مدونة علاء حليحل في تاريخ 26 تموز 2008)