فَلتَحْيَ الوحدة العربية! 

علاء حليحل

“لجنة الوفاق الوطني” التي تتشكل في كل انتخابات اسرائيلية تهدف بالأساس لدفع الأحزاب على التحالف، ولكبح جماحها قدر الامكان عن الشتم والتقريظ المتبادلين. فهل تنجح هذه المرة، كما لم تنجح في المرات السابقة؟؟

غني عن الذكر أن اندلاع المعركة الانتخابية يعيد الى الحياة عادةً أحزابًا أو قوائم ميتة، أو شبه ميتة أو راكدة، من أجل التنافس مجددًا على كرسي أو على نصف كرسي، في تحالف هنا أو هناك. وإلى جانب هذه الهبات الموسمية هناك لجنة تستيقظ هي الاخرى قبل الانتخابات، وتنشط الى حين انتهائها، وهي “لجنة الوفاق الوطني”. هذه اللجنة تشكلت منذ أعوام عديدة بتكليف من الهيئات والأطر السياسية الفاعلة في الشارع العربي، لتعمل الى جانب ومقابل الأحزاب السياسية من أجل عدة أهداف، تتغير كل سنة وتتبدل، بحسب الحاجة والضرورات.

يوم الجمعة الماضي نشرت الصحف العربية في الداخل بيان لجنة “الوفاق” التي انطلقت الى عملها الموسمي بهمة وأمل، كما يقول مركز عمل اللجنة، الكاتب محمد علي طه. طه بدا متفائلا ليلة أمس الأول الأحد حول دور اللجنة وعملها. حين سألته عن فاعلية اللجنة وعن كونها ربما بدون أسنان، قال مشددًا: “أنا اتصلت بكل الأحزاب العربية واستفسرت عن رغبتها في إعادة إحياء عمل اللجنة. كل الاحزاب بدون استثناء طالبتنا بالعمل وباركت هذه الخطوة ومنحتنا تفويضًا بالعمل”.

– وما الذي ستسعون إليه هذه الانتخابات؟

“نحن نهدف لتحقيق أربعة أهداف: توحيد القوائم والأطر السياسية في الشارع العربي؛ رفع نسبة المصوتين التي تتراوح عادة في الشارع العربي بين (70%) الى (75%)؛ الحفاظ على معركة انتخابية نزيهة ونظيفة وخالية من التجريح لأن ذلك سينفر الناخب العربي من الخروج للتصويت؛ حمل أكبر عدد من الناخبين العرب على التصويت للأحزاب العربية الوطنية”.

– الهدف الأخير يبدو لي صعبًا بعض الشيء، خاصةً أن الانتخابات ستجري بورقة واحدة.

“هذا صحيح. الأحزاب الصهيونية ستعمل جاهدة على ضمان كل صوت عربي لصالحها، والمعركة ستكون شديدة”.

طه يأمل في أن يصل عدد النواب العرب هذه السنة الى (12) نائبًا. ذلك على الرغم من أن الاستطلاعات بمعظمها تتراوح بين (9) الى (10) نواب. طه يقول إن هذا يتعلق في النهاية بنسبة المشاركة. هذا صحيح. ولكنه سيتعلق أيضًا بتركيبة القوائم العربية في المحصلة، ومدى إشباعها لرغبات الناخب العربي بالوحدة. طه: “إن إقامة قائمة عربية واحدة هو حلم لنا، لكنه غير قابل للتطبيق. أولا نحن شعب كامل وهناك اختلافات في وجهات النظر، اختلافات استراتيجية، عقائدية وفكرية. ولكن يمكننا الطموح لتشكيل قائمتين كبيرتين”.

– لماذا لا يمكن تشكيل قائمة عربية واحدة؟

“هذا يعود لطبيعة المجتمع العربي، وهو حمائلي. فهناك خوف من أن تتجه حمائل بأكملها للتصويت لأحزاب صهيونية لأن المرشح العربي في القائمة الواحدة هو من حمولة أخرى. هذا ما ثبت عام 1996 بالنسبة لنا”.

– وفكرة توحيد قائمتين؟

“للأسف لم ننجح الانتخابات الماضية في هذه المهمة وكانت هناك ثلاث قوائم، وكلها تمثلت في الكنيست (الجبهة، التجمع والعربية للتغيير، والموحدة- ع.ح.). اليوم أكثر من قائمتين أو ثلاث معناه حرق للأصوات العربية وهدر لها. ونحن نخاف من ألا تعبر القوائم الصغيرة نسبة الحسم. وبنظري فإن القوائم التي يمكن أن تتشكل بناء على المعطيات الموجودة هي: قائمة في صلبها الحركة الاسلامية والحزب الدمقراطي العربي وجبهة هاشم محاميد؛ وقائمة الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة؛ والتجمع الوطني الدمقراطي. يتبقى غير هذه القوائم الحركة العربية للتغيير والحزب القومي العربي، حيث يجب أن ننجح في ضمهما الى القوائم المذكورة. حاليًا تجري مفاوضات بين العربية للتغيير والقومي العربي وبين قائمتي الاسلامية وقائمة الجبهة.”

المثير للاهتمام أن طه نسي أو تناسى الحزب الجديد الذي أعلنه توفيق الخطيب وهو حزب “الاصلاح”. والجرائد في الأيام الأخيرة تتحدث عن مفاوضات بينه وبين حزب “عام إحاد” التابع لعمير بيرتس، سكرتير الهستدروت. واللافت للنظر أيضًا أن طه يعتقد أن لجنة الوفاق تنجح في مهماتها في كل انتخابات، على الرغم من الصورة التي تنعكس بعد كل انتخابات والتي نراها جميعًا. فعندما سألت طه عن هذا الموضوع عدّدَ لي ثلاثة إنجازات هامة للجنة: “في انتخابات 1996 استطاعت اللجنة التوفيق بين الجبهة والتجمع؛ في 1999 استطاعت اللجنة التوفيق بين هاشم محاميد وبين الموحدة؛ وفي 1999 استطاعت اللجنة التوفيق بين الجبهة وبين الموحدة في توقيع اتفاقية فائض الأصوات”. وهذه الاجابة أيضًا مثيرة للاهتمام. فالتحالف بين الجبهة والتجمع في 1996 كان نتيجة ضغط كوادر الحزبين الشابة وليس نتيجة رضى القيادة أو نجاعة عمل لجنة الوفاق؛ وفي 1999 انضم هاشم محاميد الى الموحدة دون أدنى طلب أو ممانعة، فمحاميد كان بلا بيت وبلا حزب يقود به الانتخابات وقتها؛ وفي 1999 وقعت الجبهة إتفاق فائض الأصوات مع الموحدة لأن الجبهة أرادت الاستمرار في دعايتها الانتخابية ضد التجمع، “لن أحرق صوتي”، ونادت طيلة الوقت بعدم التصويت للأحزاب التي لن تعبر نسبة الحسم (التجمع) وعدم توقيع فائض الأصوات معها أيضًا.

لست في صدد نعي اللجنة قبل بدء عملها، ولكنني أنصح المتحمسين لفكرة الوحدة وفكرة المعركة النظيفة بألا يتحمسوا أكثر من اللازم. فكلما كانت التوقعات أكبر، كلما كانت خيبة الأمل مؤلمةً أكثر!

(نُشرت هذه المادة في ملحق “المشهد الإسرائيلي” في تشرين الثاني 2002)

تعليقات (0)
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *