النخب الثقافية في إسرائيل تتقمص دور “القوة الناعمة” (2-2)
أنطوان شلحت وعلاء حليحل
الصحافي غدعون ليفي يكتب وبمثابرة ومنذ أعوام طويلة في صحيفة “هآرتس” عن معاناة الفلسطينيين القابعين تحت الاحتلال، حتى تحول إلى شخصية بارزة في المجتمع الإسرائيلي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بـ “الآخر”، الفلسطيني.
في أثناء الحرب على غزة لم يتوقف ليفي عن الكتابة ضدها وعن آثارها، ما أثار حفيظة الكاتب الإسرائيلي المعروف أ.ب. يهوشواع. وقد كتب هذا الأخير مقالا في “هآرتس” بعنوان “رسالة مفتوحة إلى غدعون ليفي”، شرح له فيه ما يعتقد به بشأن الحرب وضرورتها وبشأن تعامله مع الضحايا الفلسطينيين في غزة.
من الناحية الأنثروبولوجية يمكن لهذه “الرسالة” أن تكون ملفًا أولاً وربما أساسيًا من أجل فهم نفسية “اليسار الصهيوني” الإسرائيلي، وخصوصًا في أثناء المواجهات العسكرية بين إسرائيل وجوارها.
يكتب يهوشواع موجهًا كلامه إلى ليفي: “أحيانا تحضرني أفكار ثقيلة بأنك لا تحزن على الأطفال الميتين في غزة أو في إسرائيل، بل على ضميرك الشخصي. فلو كنت تهتم حقًا بالأطفال، أطفالنا وأطفالهم، لكنت ستفهم العملية الحربية الحالية، التي لم تهدف إلى اجتثاث حماس من غزة بل إلى جعلها تدرك، بالطريقة الوحيدة للأسف التي تؤثر عليها حاليا، أنّ عليها أن توقف النار وأن تخزّن الصواريخ نهائيًا، وبالأخص كي يُمنع موت الأطفال الفلسطينيين في مغامرة غير مجدية”. (16)
إذًن فالفلسطينيون مسؤولون عن قتل أبنائهم وأطفالهم، حتى بعد أن تصرفت معهم إسرائيل بكرم: “والآن، ولأول مرة في تاريخهم، حظي جزء من الفلسطينيين بقطعة أرض أولى، وآمل أنها ليست الأخيرة، التي من المفترض بهم أن يديروا فيها حكمًا كاملاً ومستقلاً. ولو شرعوا في البناء والتطوير والاهتمام بالسكان فإنهم كانوا سيثبتون للعالم أجمع، وخصوصًا لنا، بأنّه في لحظة انتهاء الاحتلال فإنهم على استعداد للعيش بسلام مع جوارهم، أحرارًا، ولكن مسؤولين عن أعمالهم. من العبث بمكان أن تنتفض على النسبة القائمة بين عدد القتلى الفلسطينيين والإسرائيليين. يمكن أن نستنتج من أقوالك أنه في حال نجحوا في قتل مئة طفل إسرائيلي (فصواريخ القسام ضربت المدارس ورياض الأطفال، وكانت هذه خالية بالصدفة)، فسيكون من المسموح لنا وقتها أن نقتل مئة طفل فلسطيني. أي أنّ القتل نفسه لا يقلقك، بقدر ما تقلقك المقارنة العددية بيننا وبينهم. وأنت، غدعون، الذي تحيا بين أفراد شعبك، أنت تعلم جيدًا أننا لا ننوي قتل الأطفال الفلسطينيين كانتقام على قتل أطفالنا، إلا أننا نحاول أن نحثّ زعامتهم على وقف هذا الاعتداء الأحمق والشرير، وتعلم أنّ الأطفال يُقتلون أيضًا للأسف بسبب الخلط التراجيدي والمتعمد بين مقاتلي حماس وبين المدنيين. فرجال حماس يطلقون النار منذ فك الارتباط [عن غزة في العام 2005] باتجاه المدنيين فقط. وحتى في هذه الحرب، أرى مصدومًا أنّهم لا يوجهون الصواريخ والقنابل باتجاه تجمعات الجيش بجانب الحدود بل صوب البلدات المدنية، مرة تلو أخرى”. (17)
إذا كان في الإمكان، لدوافع أخلاقية وإنسانية محضة، أن نبدي قدرًا من التفهم لواقع أن إطلاق الصواريخ الفلسطينية على المستوطنات الإسرائيلية، يبهـظ هذا الأديب ويثير حفيظته، فلا يجوز تجاهل الاستعلاء الكولونيالي الذي يميز يهوشواع في كتابته، والذي ينبئ به ادعاؤه أنه يعرف مصلحة الفلسطينيين أكثر مما يعرفون هم أنفسهم، وبأن الحملة تهدف إلى تلقين قيادة “حماس” درسًا.
لكن دعونا نترك مساحة الردّ على ادعاءات يهوشواع إلى غدعون ليفي نفسه، الذي نشر بعد يومين من نشر مقال الأول، مقالا عنوانه “رد مفتوح على أ. ب. يهوشواع” جاء فيه: “أنت أيضًا، الكاتب المقروء، وقعت ضحية للموجة العكرة التي تغرقنا الآن، وهي موجة تعمي الأبصار وتُسيّد الغباء وتغسل جميع الأدمغة. أنت في الواقع تبرر أفظع حرب شنتها إسرائيل حتى اليوم، وبهذا تكون شريكًا للخدعة التي تدعي أنّ “الاحتلال في غزة انتهى”، مثلما هي الحال مع تبرير القتل الجماهيري بحجة أنهم “يستخدمون الأطفال”. أنت تُماثل بين شعب عاجز بلا دولة وجيش- فيه حركة أصولية تحارب بوسائل غير مشروعة من أجل هدف صادق، هو نهاية الاحتلال- وبين دولة عظمى في المنطقة، ترى في نفسها ديمقراطية وإنسانية، إلا أنها اتضحت كدولة محتلة، وحشية وقاسية. كإسرائيلي لا يمكنني أن أدين قيادتهم وأيدينا ملطخة بهذا الدم كله”. (18)
ويضيف ليفي: سكان غزة لم يحظوا أبدًا بـ “قطعة أرض لهم”، كما تدعي. لقد خرجنا من غزة من أجل حاجاتنا ومصالحنا، وسجنّاهم فيها. عزلناهم عن العالم الخارجي وعن الضفة الغربية المحتلة، ولم نسمح بقيام مطار أو ميناء. نحن نسيطر على السجل السكاني، والعملة هي عملتنا، لا جيش لهم بالطبع، وتسمي هذا “انتهى الاحتلال”؟. لقد منعنا الرزق منهم وفرضنا مقاطعة وحصارًا لعامين- وهذا ما تسميه “طرد الاحتلال من أراضيهم”؟ الاحتلال في غزة بدّل من صورته فقط، جدار بدلا من مستوطنة، سجانون في الخارج بدلا من الداخل. (19)
وفيما يخص الافتراض الإسرائيلي الضمني- بالنسبة لهم- أنّ الجيش الإسرائيلي هو “أكثر الجيوش أخلاقية في العالم”، وأنّ إسرائيل لا تتعمد المسّ بالمدنيين أو الأطفال بتاتًا، كما يدعي يهوشواع، يقول ليفي: “لا، أنا لا أعرف “جيدًا”، كما تقول، بأننا لا ننوي قتل الأطفال. عندما تكتسح بدبابات ومدافع وطائرات منطقة مزدحمة كهذه، لا يمكن الامتناع من قتل الأطفال. أنا أفهم أنّ ضميرك نظيف، بفضل حجج الدعاية الإسرائيلية، ولكن ضميري وضمير غالبية العالم غير نظيف. نحن نحكم على النتائج لا على النوايا. والنتائج مذهلة للغاية”. (20)
مرة أخرى، منطق القوة. “لا يفهمون إلا بالقوة”، كما قال يهوشواع. وهنا يرد ليفي على النحو التالي: “هذه الحرب في نظرك تُعدّ “الطريق الوحيدة التي تؤثر عليهم”. وحتى لو تجاهلنا الطابع الإستعلائي لملاحظتك، فإنّنا نتوقع أكثر من هذا من كاتب مهم مثلك. كنت أتوقع من كاتب مهم أن يكون مطلعا على تاريخ نضالات التحرر القومي: لم يحدث أن قضي عليها بالقوة (…) هم والعالم فهموا أمرًا واحدًا: أنّ إسرائيل دولة عنيفة وخطرة، منفلتة من عقالها. هل تريد أن تحيا في دولة لها سمعة كهذه؟ دولة تفتخر بأنّ “صاحب البيت جُنّ”؟ أنا لا أريد ذلك”. (21)
بيد أن “منطق” تبرير “استعمال القوة” أفضى، أيضًا، إلى إنتاج مواقف أقل ما يقال بشأنها إنها غرائبية. ومنها، مثلاً، موقف برز في بيان صدر عن “ثنائي أدبي” من جيل الأدبـاء الإسرائيليين الأصغر سنًا، هما الزوجان إتغـار كيرت وشيرا غيفـن، وظهر في صحيفة “يديعوت أحرونوت” (22)، وفحواه دعوة رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى “استثناء الخيار، الذي قد ينطوي على مخاطر قتل أطفال فلسطينيين بعدد روّاد روضة واحدة، من مجمل الخيارات السياسية والعسكرية المتاحة أمامه لإدارة الحرب في غزة” من لحظة نشر ذلك البيان فصاعدًا، وذلك بهدف “عدم منح أعدائنا فرصة إملاء عالم قيمهم وأخلاقهم علينا”. ونقول من تلك اللحظة فصاعدًا، لأن البيان قد جاء عقب مقتل عدد كهذا من الأطفال الفلسطينيين في إحدى المدارس التابعة لوكالة غوث اللاجئين.
على صلة بهذا الموقف الغرائبي انبرى كاتب آخر، هو يهونتان غيفـن، المعروف بنقده الشديد للمؤسسة السياسية الإسرائيلية، “للتحذير” من مغبـة تأدية قيام إسرائيل بـ “إلقاء أطنـان من المواد المتفجرة على السلطة الفظة والعنيفة في غزة” إلى “جعلها [إسرائيل] شريكة لحركة حماس ضد الشعب الفلسطيني البائس والعاجز”، على الرغم من إعلانه أن الحرب في غزة لم تفاجئه مطلقًا “لكونها تعبّر عن الطريقة الوحيدة التي نتقن ممارستها، وهـي إلحـاق أكثر ما يمكن من الأذى بالفلسطينيين”. (23)
في واقع الأمر لم يكن غدعون ليفي وحيدًا. ففي قلب التجند القوموي الصهيوني من قبل الإعلام الإسرائيلي، نُشرت هنا وهناك بعض المقالات التي رسمت ملامح الجنون والهستيريا اللذين ميزا الرأي العام في إسرائيل. وعلى سبيل المثال فقد كتب المؤرخ والصحافي توم سيغف: “إسرائيل تضرب الفلسطينيين كي “تلقنهم درسًا”. هذه هي الفرضية الأساس التي ترافق المشروع الصهيوني منذ نشوئه: نحن ممثلو التقدم والعلم والذكاء العقلاني والأخلاقيات، والعرب رعاع متخلف وعنيف، صبيان جهلة يجب تربيتهم وتلقينهم الحكمة، كل هذا طبعًا عبر “العصا والجزرة”، كما يفعل صاحب الحمار مع حماره. ينبغي بقصف غزة “أن يقضي على حكم حماس”، وحتى هذا يتم وفقًا للفرضية التي ترافق الحركة الصهيونية منذ تأسيسها، والتي بحسبها يمكن فرض قيادة “معتدلة” على الفلسطينيين تتنازل عن تطلعاتهم القومية. كما آمنت إسرائيل دائمًا وأبدًا أنّ المسّ بالمدنيين سيؤدي إلى تثويرهم ضد قياداتهم القومية. وقد ثبت خطأ هذه الفرضية مرة بعد أخرى”. (24)
ويلمس سيغف عصبًا أساسيًا من أعصاب “النفسية الجماهيرية” في إسرائيل، وهي نفسية الضحية، التي باسمها تبرر إسرائيل وأغلبيتها اليهودية كل الجرائم وكل أفعالها: “كل الحروب تعتمد على فرضية تلازمنا دائمًا وأبدًا، وهي أننا ندافع عن أنفسنا فقط. “نصف مليون إسرائيلي تحت القصف”، صرخ العنوان الرئيس أمس في “يديعوت أحرونوت”، وكأنّ قطاع غزة ليس خاضعًا منذ زمن طويل لحصار أدى إلى القضاء على فرص جيل كامل في العيش حياة جديرة بأن تُعاش”. (25)
وفي مقال تحت عنوان “وطنية سيادية”، كتبت الناقدة نعاما شيفي في “هآرتس” حول التجند الإعلامي الإسرائيلي لصالح الحرب على غزة تقول: “حتى لو نظرنا إلى هذا التجند الوطني في الأيام العادية بقدر من الحسن والبراءة، فإنّ هذ الوطنية الفظة تحمل في طياتها الآن قدرًا من الخطر. كلمات المديح المسترسلة غير المصحوبة بالتحذير من الآتي تثير الخشية من أن تقود، مرة أخرى، إلى ورطة تكلف الكثير من الأرواح. ويستند النقد الموجه إلى التغطية الصحافية لحرب غزة إلى أحداث حرب لبنان الثانية: صحافيون ومحللون رسموا الهدف الذي تمحور كله في تطبيق القيم الاستبدادية الملائمة لنهج “سنريهم”، وسياسيون وعسكريون اندفعوا إلى المعركة. لذلك ترغب مجموعة صغيرة من الصحافيين والباحثين في الإعلام في التحذير من مغبة تكرار الظاهرة. ليست الوطنية المزيفة هي ما تثير الغيظ إزاء توجه الصحافيين الذين يغذون فرح المعركة، بل التجند الشعبوي والغضروفي (…) بعد الحرب سيستيقظون ليكتشفوا أنه كان في الإمكان التفاوض مسبقًا، ليس فقط مع الذين يعيشون في هدوء نسبي في الضفة الغربية”. (26)
وقد أحسنت الكاتبة والصحافية أفيراما غولان حين تطرقت في مقال لها في “هآرتس” إلى البعد الكولونيالي الذي يطغى على الجانب الإسرائيلي لدى تعامله مع العربي أو الفلسطيني: “كم من الحبر أريق في الأبحاث الأكاديمية المنمقة حول صوت “الآخر” في المجتمع البوست- كولونيالي، وكم من المؤتمرات والمقالات جزمت بأنّ المجتمع الإسرائيلي تجاوز منذ زمن مرحلة “بوتقة الصهر” وهو الآن مجتمع متعدد الثقافات يتيح المجال لوجود صوت “الآخر”. والآن، يكشف د. عز الدين أبو العيش، مرغمًا، عن مدى الكذب الكامن في هذه المقولة. إن سكان غزة غير حاضرين في الوعي الإسرائيلي ولم يحظوا حتى بمكانة “الآخر”، ولكن كون الطبيب الغزي يعمل في إسرائيل أيضًا، ولديه الكثير من المعارف الإسرائيليين، منحاه إمكانية حُرم منها الآلاف الآخرون، لإسماع أقواله في “البرايم تايم”، وهذا لم يحدث إلا بعد سفك دماء بناته بيسان وميار وآية في بيته. إلا أنّ دقيقة الرحمة هذه مضت بسرعة، وقامت الردود المتشككة والكارهة “بموازنة” العطف”. (27)
وعلى ذكر قصة هذا الطبيب نشير إلى أنه من الصعب أن نحصي القصص الفلسطينية الإنسانية، التي تضمنتـها الحرب الإسرائيلية على غزة، غير أن هذه القصة فقط احتلت بكيفية ما صدارة المشهد الإعلامي الإسرائيلي في آخر أيام الحرب. وقد سبق لأبو العيش أن عمل في المستشفيات الإسرائيلية، وكان في عداد المناهضين لسلطة “حماس”، وتعرّض منزله في غزة يوم 16 كانون الثاني 2009 إلى القصف الإسرائيلي، ما أسفر عن مصرع ثلاث من بناته وابنة أخيه، علاوة على إصابة ثلاث من بناته الأخريات بجراح بالغة. وفي واقع الأمر احتلت هذه القصة صدارة المشهد الإعلامي في إسرائيل بسبب العلاقات الوثيقة التي كانت تربط هذا الطبيب بمجموعة من الصحافيين الإسرائيليين.
وفي سياق ذلك اعتبر أحد هؤلاء الصحافيين، وهو بوعاز غاؤون، أن ما حلّ بعائلة أبو العيش يعتبر، من ناحيته، “صورة الخسارة”، التي منيت إسرائيل بها مع انتهاء “عملية الرصاص المصبوب” (صحيفة “معاريف”، 18/1/2009).
ورأى الكاتب إيال ميغد، الذي عادة ما كان يتبنى مواقف يمينية متطرفة في الآونة الأخيرة، أن محاولة امرأة إسرائيلية من مدينة هرتسيليا أن تتهم أبو العيش، في أثناء لقائها به في ردهة أحد المستشفيات الإسرائيلية حيث كانت بناته الثلاث يخضعن للمعالجة، بالمسؤولية عن المصيبة التي نزلت بعائلته، هي محاولة “تثير الخزي والعار”. وعلى الرغم من قيام إحدى قنوات التلفزة الإسرائيلية بتنظيم “لقاء مصالحة” بين الطرفين فقد أصرّت تلك المرأة الإسرائيلية على أن تبرّر فعلة الجيش الإسرائيلي.
وكتب ميغـد في هذا الشأن يقول: “إن المأساة المروعة لهذا الطبيب الفلسطيني لا تهمها لا من قريب ولا من بعيد، فهي عمليـًا لا تراه بتاتًا… بكلمات أخرى في إمكاني القول إن هذه المرأة قد جسدت، في اللحظة الملائمة، ما لا نرغب في أن نقرّ به، وهو وجود جانب مخجل ومثير للقلق في سلوك المجتمع الإسرائيلي برمته، هو جانب بلادة الحسّ، الذي يفضي به إلى فقدان شعوره الإنساني الأساس”. (28)
إن هذا الجانب لم يكن وليد الحرب الأخيرة على غزة، وإن كانت قد ساهمت في تفاقمـه، وإنما يشكل عنصرًا رئيسًا في الثقافة الإسرائيلية العامة. وسبق أن صادفنـا، عقب انتهاء حرب لبنان الثانية في صيف 2006، رؤى سياسية تنم هي أيضًا عن هذه الخلاصـة الجوهرية. من هذه الرؤى، مثلاً، دعوة الصحافي والمعلق السياسي دانيئيل بن سيمـون، الذي أصبح عقب الانتخابات الإسرائيلية العامة في 2009 عضوًا في الكنيست عن لائحة حزب العمل، إلى أن تخرج إسرائيل من شرنقة الأحادية وأن تلتفت إلى محيطها الإقليمي.
ومما كتبه في هذا الصدد نستعيد ما يلي:
“في السنوات الأخيرة تعززت لدينا النزعة الاضطرارية للتحادث مع أنفسنا فقط بشأن كل ما يتعلق بالتسوية مع العرب، كما لو أن النزاع الحقيقي في الشرق الأوسط هو بين اليمين واليسار (في إسرائيل).
منذ ستة أعوام توقفت السياسة الإسرائيلية عن التقدّم ولو خطوة واحدة إلى الأمام. ومنذ أن دفع إيهود باراك ياسر عرفات إلى داخل الكوخ في كامب ديفيد في تموز 2000 لم يحدث أي تماس جاد بين زعيم إسرائيلي وبين زعيم عربي نخوض نزاعًا معه. النتيجة كانت مروّعة. فلقد أقفلت إسرائيل الأبواب أمام جيرانها وعقدت العزم على الوصول إلى تسويات سياسية وفقًا لما تفكر به وبسجال مع ذاتها عبر التغاضي عن جيرانها.
ربما يكمن مصدر العدوانية تجاهنا في طبيعتنا الأنانية وفي عدم تعاملنا مع جيراننا، في عدم استعدادنا لرؤيتهم عن بعد متر واحد… كما لو أن العرب هوام لا يليق التحادث معهم”.
وتابع: “بدلا من الحديث مع أعدائنا فإننا نتحدث فقط مع أصدقائنا، حتى لا نقول الأوصياء علينا، في الولايات المتحدة… تبنينا الإنجليزية كلغة أم ونتعامل مع اللغة العربية كما لو أنها خطر على وجودنـا. حتى الآن لم يثبت أن استعباد حياتنا وقيمنا ومستقبلنا لأميركا انطوى على أي فائدة. ولم نكن عديمي الأمان بتاتـًا كما نحن عليه الآن. وكجزء من يأسنا فإننا نحيط أنفسنا بسور ونحوّل شعار الانبعاث القومي إلى غيتـو محض ومحكم الإغلاق من كل ناحية.
إذا تفشى اليأس من الجيران ومن السلام، فمن شأن الإسرائيليين تسليم مقود الدولة إلى أيدي مهووسين خطرين أمثال [رئيس حزب “إسرائيل بيتنا”] أفيغدور ليبرمان. “من أجل أوضاع جنونية يتوجب أن يكون في الحكم أشخاص مجانين”، هذا ما قاله أحد سكان كريات شمونه، وعكس بذلك المزاج العام الجديد وذكر ليبرمان كوصفة سحرية.
إذا لم يعد أولمرت الأمل على وجه السرعة، وإذا لم يفاوض السوريين والفلسطينيين واللبنانيين، فمن شأن اليأس من الوضع أن يدفع الإسرائيليين نحو حلول متطرفة”. (29)
كما سبق أن أورد أ. ب. يهوشواع على لسان “نعيم”، بطل روايته الشهيرة “العاشق”، في ثمانينيات القرن الفائت، الجملة التالية، التي تعكس تجاهل وجود الآخر ومشاعره في الذهنية الإسرائيلية العامة:
قال نعيم: ينبغي بنا نحن [يقصد العرب في الداخل]، الذين نكاد نقضي اليوم كله إلى جانبهم [يقصد اليهود]، أن نكون حذرين للغاية. كلا، إنهم لا يكرهوننا. إن الذي يعتقد أنهم يكرهوننا يرتكب خطأ فادحـًا. فنحن خارج نطاق كراهيتهم، نحن أشبه بظـلال بالنسبة لهـم!.
والواقع أن وجود الآخر أو حتى الحساسية تجاه مشاعره يكادان أن يكونـا الغائب الأكبر في مقال كاتب كبير آخر، هو عاموس عوز، الذي ركز أساسًا على “الربح والخسارة” جراء هذه الحرب من ناحية إسرائيل، فكتب يقول: “لن تربح إسرائيل شيئًا من استمرار الهجمات على غزة. فسكان القطاع لن ينتفضوا على حماس، ولن تقوم في غزة سلطة صديقة لإسرائيل، كما أن من شأن عملية عسكرية برية أن تؤدي إلى التورط والغرق في المستنقع الغزي، الذي يعدّ أسوأ كثيرًا من المستنقع اللبناني”.
وأردف: “صحيح أن حماس هي المسؤولة عن تدهور الأوضاع في غزة، فلولا قيامها بإطلاق الصواريخ على إسرائيل لما كانت هناك حاجة إلى عملية عسكرية، غير أنه لا بدّ أن تكون العملية العسكرية الإسرائيلية محدودة في أهدافها”.
لكن يبقى بيت القصيد هو أن عوز نأى بنفسه عن التطرّق، ولو تلميحـًا، إلى دور السياسة الإسرائيلية في ما آلت إليه الأمور في غزة. وقد أفضى به هذا إلى أن يكتب صكّ براءة لهذه السياسة على الوجه التالي: “ليس لدى إسرائيل أي هدف [إزاء غزة] سوى أن تتوصل، في أقصى سرعة ممكنة، إلى اتفاق شامل وتام لوقف إطلاق النار، يكون مقرونًا باستتباب الهدوء والتهدئة على حدودنا. وفي الإمكان التوصل إلى اتفاق كهذا في مقابل تخفيف الحصار المفروض على غزة. يجب أن تنتهي العملية العسكرية في غزة من دون اجتياح بريّ أيضًا، لكن سوية مع وقف إطلاق الصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية”. (30)
كما دائمًا، برزت بعض الأصوات الصافية من بين النخب الثقافية والأدبية الإسرائيلية، التي تعرف دومًا كيف تتجاوز تأثير الدعاية الإسرائيلية الموجهة ضد الرأي العام الإسرائيلي. ولعل أبرزها إسحاق لاؤور وب. ميخائيل.
وقد كتب ب. ميخائيـل، باعتباره أحد أصحاب الأعمدة الصحافية في “يديعوت أحرونوت”، بضعة مقالات خلال فترة الحرب على غزة. وكان أولهـا غداة شنها تحديدًا. وقد سخف فيه “الكلمات السامية”، التي عبقت أجواء إسرائيل بها، والتي ادعت “البطولة والمفاجأة” من جهة، و”الحنكة والنجاح”، من جهة أخرى موازية ومكملة. وتساءل في هذا الشأن: “هل فاجأنا الفلسطينيين فعلاً إلى درجة إرباك حركة حماس، مثلاً، وجعلها تحجم عن إخراج طائراتها ومدرعاتها وصواريخها المتطورة كي تزجّ بها في المعركة؟”. وخلص إلى القول إن النتيجة الوحيدة المؤكدة لهذه الحرب هي “المزيد من الكراهية والثكل والمعاناة، سواء في إسرائيل أو في غزة. وهذا أمر يبعث على الإنهـاك، بل وعلى اليأس أيضًا”. (31)
وفي إبان الحرب كتب لاؤور قصيدتين نشرهما بالعبرية والعربية، تعاملتا مع الحرب على غزة من منطلق كونها حربًا إجرامية يقوم الجيش الإسرائيلي بها بلا أدنى روية.
كانت القصيدة الأولى بعنوان “نصائح” (32)، وهي مكتوبة إلى نجل الشاعر، ويسدي له فيها نصائح بشأن المهنة التي يتعين عليه أن يمتهن كي ينهي الأمور بالسرعة اللازمة:
“فقط لضيق الوقت، بُنيّ، لا تكُن جنائِنيًّا.
كم من الوقت سيمرّ كي تثمرَ شجرة واحدة
ستزرعُها بالماء والسّماد، إلى أن
تضرب جذورها، تزهر، تخضرّ، تمرّ الفصول، إلى أن
تبرعم زهرة واحدة، مثل سمكة ذهبية. فقط لضيق الوقت
بُنيّ، لا تكُنْ بنّاءً. كم من الوقت سيمرّ كي يجهز البيت
تحفر الأسس وتصبّ الطين والجصّ وتضع لبنة
بعد لبنة، ظهرك يؤلمك، يدك مجروحة وغليظة
عيناك مكويّتان، تقيسان. ستفتح نافذة في حائط
وطلاء ومسامير وإزميل، وسمكة ذهبية في غرفة الطفل.
وفقط لضيق الوقت، بُنيّ، لا تكن امرأةً. في دمائها كائن
يتكوّن، كم من الوقت إلى أن ينمو فيها، رويدًا رويدًا
يتشكل طفل، وإلى أن يُولد، بألم، يرضع، يتعلم
المشي، الكلام، أبي، أمي، زهرة، بقرة، شجرة، غيمة
بيت، حديقة، سمكة ذهبية، وقت، وكم من الوقت سيمرّ كي يصبح فتًى
شابًا، كم بطيئة كلّ هذه، بُنيّ. كُن طيّارًا، دقيقة ً واحدة ً
وينهدمُ كل شيء، الجنين، الشابّ، الحديقة، البيت
السمكة الذهبية. كُن طيّارًا، بُنيّ، ضربة ً وينتهي الأمرُ”
كما أنّ لاؤور يرد على أ. ب. يهوشوع بقصيدة بعنوان “مرحى للفصل” (33) يصفه فيها بأنه لا أكثر من مجرّد “رصاص مصبوب”، تمامًا كما الحرب على غزة:
“الكاتبُ “أ. ب. يهوشواع” لمْ يَسمَعْ مِنْ قبْل
ببناتِ د. عزّ الدين أبو العيش الثلاثِ
مِنْ مُخيّم جباليا للّاجئين في غَزَةَ
كما أنّ بناتِ د. عز الدين أبو العيش الثلاثَ
لمْ يَسمعْنَ من قبل بـ “أ. ب. يهوشواع”، ولنْ يَسمعْنَ به بَعدَ الآنَ.
(أريدُ أنْ أؤكدَ للدكتور أبو العيش بأنّ إلهاتِ الثأرِ
سيلاحقنَ “أ. ب. يهوشواع” كُلَّ حياتِهِ، ولكنَّ إلهاتِ الثأرِ
كَما نعرفُ يأتينَ مِنَ الدّاخلِ، ولـ “أ. ب. يهوشواع” لا يُوجدُ داخِلٌ.
إنه مثلُ دَولتِنا، رَصاصٌ مصبوب)”.
وكان لاؤور قد أنجز، قبل أعوام كثيرة، دراسة لافتة في محور العلاقة بين الأدباء الإسرائيليين وبين المؤسسة السياسية الإسرائيلية. وقد أظهر فيها، من ضمن أشياء أخرى، مبلغ هيمنة هذه المؤسسة الأخيرة على الأدب العبري وكتابـه، في كل ما يتعلق بالرواية الفلسطينية وممارسات الحركة الصهيونية ومن ثم الدولة الإسرائيلية. (34)
لا معنى لقراءة أداء النخبة الإسرائيلية المثقفة إزاء الحرب على غزة بمعزل عن أداء “اليسار الإسرائيلي الصهيوني” عمومًا، وتحديدًا منذ العام 2000 وصولاً إلى حرب لبنان الثانية في العام 2006. فهذه النخبة تتباهـى صبح مساء بالانتمـاء إلى هذا “اليسار” وتراهن عليـه.
في هذا الإطار نشير إلى أن يوسي سريد، الوزير الإسرائيلي السابق الذي كان زعيمًا لحزب ميرتس وأحد أقطاب هذا “اليسار الصهيوني”، رأى أن الحرب على غزة كانت بمثابة امتحان مصيري آخر لليسار الإسرائيلي، وقد سقط فيه سقوطًا مدويـًا.
إن سريد هو نفسه الذي اعتبر أن هذا اليسار كان، قبل تلك الحرب، أحد أبرز المدفونين في “القبر الجماعي” الذي حفرته الحرب على لبنان في صيف 2006 وأهالت التراب فيه على مجموعة من ساسة إسرائيل وعسكرها وإعلامييها. ومردّ ذلك أنه لم يفعل ما كان يتعيّن عليه أن يفعله [وهو بمفرداته معارضة الحرب بصريح العبارة من دون أدنى تلعثم] وبقي يمارس “الرقص على حبلين”، بين المعارضة وبين التأييد للحرب، بمسوّغ أنها “عادلة” و”مبرّرة”. وكان يتوجب على هذا اليسار أن يفهم باكرًا- في قراءة سريد- أن انضمامه إلى الإجماع، حتى لو كان متحفظًا بعض الشيء، من شأنه فقط أن يؤجّج تهافت إسرائيل نحو عمق لبنان. وتساءل: إذا لم ينهض هذا اليسار في وقت الامتحان، فمتى كان في نيته أن ينهض على قدميه؟. (35)
أما المحلل السياسي في صحيفة “هآرتس”، عكيفا إلدار، فأكد أن الحرب على لبنان دقّت المسمار الأكبر في نعش اليسار الصهيوني، الذي كان يعتبر نفسه معسكر السلام الإسرائيلي.
وأضاف أن استطلاعات الرأي وكذا تصريحات أشخاص يساريين بارزين، على غرار الكاتب المسرحي يهوشواع سوبول والكاتب الروائي يورام كانيوك، تدل على أن “هجوم الصواريخ على شمال البلاد، الذي ترافق مع قصف سلاح الجو في بيروت وجنوب لبنان، أفلح في تقويض إيمان الجمهور الإسرائيلي بوجود شريك عربي للسلام. ويكفي سماع كلمات الندم الصادرة عن اليساري سوبول وقراءة مقال يوسي بيلين في صحيفة معاريف الذي اقترح فيه مهاجمة سورية أو قراءة صرخات الحرب في ملحق هآرتس الصادرة عن النساء المؤسسات لمنظمة أربع أمهات كي نفهم ذلك”.
ويعتقد إلدار أن الحديث لم يدر في ذلك الوقت على “ردات فعل عاطفية عابرة، قد تعدّ نتيجة مطلوبة ومفهومة لمشاعر الغضب والإحباط والخوف”، وإنما دار على “مرحلة إضافية في سيرورة عميقة ومتصلة من فقدان البوصلة واللهاث وراء حلول انعزالية وأحادية الجانب، لا بُدّ أن تكون نهايتها الطريق المسدود وتكريس النزاع”.
وقال الكاتب إن السهولة، التي هضم فيها معسكر السلام هذا ذرائع ايهود باراك بشأن إخفاقه في مسار المفاوضات السوري- اللبناني والمسار الفلسطيني في العام 2000، كانت بمنزلة أول شهادة على هشاشته.
إنّ ما يتضح الآن- أضاف- هو أن أغلبية الإسرائيليين الذين يتفاخرون بحمل لقب “يساريين” هم “حمائم تغرّد داخل السرب” لا “حمائم ذات قيم عالمية” [تتجاوز الإطار المحليّ الضيق]. وهؤلاء يؤيدون عملية السلام من منطلق اعتبارات براغماتية تحيل فقط إلى ما يندرج في إطار مصلحة الشعب اليهودي، مثل الميزان الديموغرافي أو ضمان أمن إسرائيل أو دفع ازدهارها الاقتصادي قدمًا. أما الصنف الذي يؤيد السلام لدوافع أخلاقية عالمية فقد بات صنفًا نادر الوجود. إن هذا الصنف هو الذي لا يبحث عن ملاذ في أحضان الوطنية العمياء والإجماع العابـر. (36)
بناء على ذلك ليس من المجازفة القول إن الحرب على لبنان كانت إيذانـًا بانتقال شريحة كبيرة من النخبة الإسرائيلية الثقافية إلى متراس المؤيدين للحرب، وذلك سوية مع قوى “اليسار الصهيوني”. وجاءت الحرب على غزة لتكرّس هذه “النقلة” ولتعمق صيرورة راهنة لهذه الشريحـة، كجـزء من “القوة الناعمة” التي تكمل “القوة الصلبة” في نطاق ممارسة إسرائيلية تُعتبر مخصوصة في هذا الشأن. ولا بُدّ من التنويه بأن هذه الصيرورة باتت، في الوقت نفسه، من نصيب شريحـة أكبـر وذات نفوذ مباشر أوسع كثيرًا في صفوف الصحافيين والمعلقين والمحللين الإسرائيليين، ولم نتطرق إلى جوهر ما يصدر عنها من مواقف ورؤى تستحق الدراسة والتأصيل أيضًا.
إن ما يعزّز هذه الخلاصة هو أنه تراكمت، في الآونة الأخيرة، أكثر من إشارة بليغة إلى واقع قيام إسرائيل باستثمـار تفكير واسع في هذه المقاربة، خصوصًا عقب الحرب على لبنان. وقد أشار أحد الباحثين العرب في هذا الشأن إلى أن المقاربة الّتي تدمج بين الدبلوماسية العسكرية والإعلام الإستراتيجي هي مقاربة جديدة برزت في الأعوام الأخيرة وهي مبنية على استنتاج إسرائيلي مفاده أن صورة إسرائيل كدولة قوية بدأت تنفصل عن إستراتيجيات الردع الإسرائيلية، كما أن صورة إسرائيل كدولة أخلاقية محاطة بأعداء يحاولون تصفيتها آخذة بالتلاشي. لهذا على إسرائيل التي تريد إخافة أعدائها وأن تتحبب على أصدقائها أن تعيد النظر في كيفية طرح سياساتها العسكرية والإستراتيجية من جهة وفي كيفية تسويق رهبتها لأعدائها ومصادر تحببها لأصدقائها من جهة أخرى. وقد برز هذا عند اختيار رئيس جديد لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي في كانون الثاني 2007، بعد الصدمة العسكرية الإسرائيلية في الحرب على لبنان، والّذي طرح في الإعلام كشخصية قيادية ذات قدرات خاصة. كما برز من خلال إقامة قسم إعلامي جديد في وزارة الخارجية الإسرائيلية في أواخر العام 2006، أنيطت به مهمة صوغ سياسة جديدة للدبلوماسية الإسرائيلية. (37)
كما أنّ الناطق العسكري الإسرائيلي السابق، نحمـان شاي، الذي أصبح عضوًا في الكنيست الثامن عشر عن لائحـة كديمـا، خصص أول خطاب برلماني له من أجل الدعوة إلى تجيير نظرية “القوة الناعمـة” في تسويق سياسات إسرائيل، مؤكدًا أن في إمكانها أن تسعفها في أن تظهر في مظهر “الشريك” لأشياء أخرى عدا الحرب. غير أنه شدّد، في الوقت ذاته، على أن ذلك لن يشكل، بحال من الأحوال، بديلاً عن “الاحتلال، إذ أننا سنستمر في الاعتماد على قوتنا العسكرية”!. (38)
وبالعودة إلى إجمـال مستجدات أداء أبرز الأدباء الإسرائيليين و”اليسار الصهيوني”، التي جرى عرضها أعلاه، تحضرنـا مقولة صدرت عن أحد الباحثين، فحواها أنه مع “يسار” من هذا القبيل لا يحتاج زعمـاء إسرائيل لا إلى وسط ولا إلى يمين من أجل المضي قدمـًا في تطبيق سياستهم العدوانية التقليدية إزاء الشعب الفلسطيني والشعوب العربية جمعـاء.
16. أ. ب. يهوشواع. “رسالة مفتوحة إلى غدعون ليفي”. “هآرتس”، 16/1/2009.
17. المصدر السابق.
18. ليفي، غدعون. “رد مفتوح على أ. ب. يهوشواع”. “هآرتس”، 18/1/2009.
19. المصدر السابق.
20. المصدر السابق.
21. المصدر السابق.
22. كيرت، إتغار وغيفن، شيرا. “يديعوت أحرونوت”، 8/1/2009.
23. “معاريف”، 29/12/2008.
24. سيغف، توم. “إنهم يلقنونهم درسًا مرة أخرى”. “هآرتس”، 29/12/2008.
25. المصدر السابق.
26. شيفي، نعاما. “وطنية سيادية”. “هآرتس”، 6/1/2009.
27. غولان، أفيراما. “منغلقون وكارهون”. “هآرتس”، 29/1/2009.
28. “معاريف”، 19/1/2009.
29. “هآرتس”، 15/8/2006.
30. “يديعوت أحرونوت”، 31/12/2008.
31. “يديعوت أحرونوت”، 28/12/2008.
32. لاؤور، إسحاق. “نصائح”. مجلة “ميطاعم”، العدد 17، آذار 2009.
33. لاؤور، إسحاق. “نصائح” و”مرحى للفصل”. صحيفة “الرأي” الأردنية، 23/1/2009. ترجمة: علاء حليحل.
34. نشرت ترجمة عربية لهذه الدراسة بعنوان “اللغة الممزقة” في كتاب “ذاكرة، دولة وهوية- دراسات نقدية حول الصهيونية وإسرائيل”. إعداد وترجمة: أنطوان شلحت. إصدار: المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- مدار، رام الله 2002.
35. “هآرتس”، 15/8/2006.
36. مجلة “آفاق جديدة” الإلكترونية، إصدار: “مركز بيت بيرل”، عدد 22 آب 2006.
37. جمال، أمل. “الدبلوماسية الإعلامية الإسرائيلية وتأثيرها على علاقات إسرائيل الدولية”. ورقة قدمت إلى ندوة مشتركة ما بين مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية والمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- مدار بعنوان “جدول أعمال إسرائيل الراهن”، القاهرة، كانون الأول 2008.
38. “عضو الكنيست الجديد نحمان شاي يعرض رؤيا جديدة للشرق الأوسط: سياسة القوة الناعمة”. “هآرتس”، 20/3/2009.
(نشرت هذه المادة في موقع ’’عرب48’’ بتاريخ 20 أيار 2009)