المطلوب خطة طوارئ
علاء حليحل
لا يمكن التفاجؤ أبدًا بالتطابق بين توصيات “لجنة عبري” وبين تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي، أريئيل شارون- وكلاهما حول الخدمة “الوطنية والمدينية”. ففي إسرائيل نوعان من اللجان: النوع الأول يُقام لغرض دفن موضوع معين في غياهب الأدراج؛ والنوع الثاني يُقام لعكس رغبة سياسية ضيقة، من المحبذ إعطاؤها صفة مهنية وجماهيرية و”عمق دراسي وبحثي”.
و”لجنة عبري” من النوع الثاني، ونحن نأمل أن تتحول في نهاية المطاف إلى النوع الأول.
ولكن بين التمني والتصنيف، لا يمكن التهرب من جدية التحديات التي تطرحها هذه التوصيات. كما لا يمكن المراهنة على أنّ المالية سترفض المخطط بسبب تكلفته، حيث يوهموننا طيلة الوقت بأنّ لا أموال لشيء؛ إلى جانب أنّ نداء بنيامين نتنياهو المتواصل: “شدّوا الحزام!” لا يقنع أحدًا: هذه الحكومة تجد الأموال (والكثير منها) إذا رغبت، وللأغراض التي تريدها.
وفي حالة تجاوز الحاجز المادي فإنّ هذه الخطة ستخرج إلى حيّز التنفيذ. وعندها على القيادة العربية أن تتخذ طرق عمل مختلفة عما اتخذته الآن، من ناحية المعارضة وموسوغاتها، والانتقال إلى خطة طوارئ. فالكثير اليوم من شبابنا سيخضعون لإغراء “الامتيازات” الموعودة، وعلينا ألا ننسى، حتى في تمسكنا بعزة انتمائنا القومي، أنّ نصف العرب في البلاد يصوتون لأحزاب صهيونية، وليس مبالغًا به إذا استجاب نصفهم لهذه الخدمة، وما علينا ساعتها إلا أنّ نعد الألوف ونصرّ على أسناننا.
ما هي خطة الطوارئ؟ لا أعرف؛ ولكن أعرف شيئًا واحدًا: على القيادة العربية برمتها بناء جدول زمني كثيف، يزور فيه منتخبو الجمهور كل البلدات والقرى والمدن العربية، كلها، ولا يتركون شابًا واحدة ولا شابة واحدة إلا ويصلون إليهما.
إذا تعومل مع هذا الأمر على أنه مجرد “أمر خطير” رأسماله جلسة عاجلة في “المتابعة” وبيان غاضب من مكتبها، فلا تستغربوا إذا صرنا بعد عشر سنين “شعب الخدمة الوطنية”. ونحن العرب قلنا عن أنفسنا في السابق، بكثير من السخرية المفارقة: “بالسُخرة مثل المُهرة”!
(نشرت هذه المادة في موقع ’عرب48’’ بتاريخ 4 شباط 2005)