“العليا” ليست مربط خيلنا!..
علاء حليحل
لا شكّ في أنّ هذا الأسبوع سيمثل مِفصلاً مركزيًا في التأريخ للعلاقة الإشكالية بين الأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل وبين مؤسسات الدولة القضائية، وعلى رأسها المحكمة العليا.
ففي أسبوع “حافل” بالقرارات المصيرية المُحررة من على طاولة رئيس “العليا” المتقاعد أخيرًا، أهارون باراك، اتضحت تفاصيل وحيثيات تصبّ كلها في منحى أساسي يصلح لأن يكون دلالةً وعصارة في ذات الآن.
فالعنوان الرئيس لقرارات “العليا” هو تحجيم المحكمة “العليا” لنفسها، وبنفسها، من خلال قراراتها نفسها، ومن دون حاجة لتنظيرات خارجية، يُمكن أن تُتهم بالنقدية الزائدة.
لقد ضربت “العليا” أوتاد حدودها التي رأتها مُلائمة لنفسها، كمحكمة “عليا” في دولة يهودية وصهيونية، وهذه الأوتاد هي دعوة لجميع من توهّموا بأنّ “العليا مربط خيلنا”، لإعادة النظر في هذا الوهم.
“العليا” هي هيئة ليبرالية محدودة الضمان، حيث تنبع محدوديتها في صونها الأعمى لحدود الصهيونية والأمن القومي وسياسات الاحتلال. هذا هو الحجم الطبيعي للمحكمة “العليا”، ولا حجم آخر لها.
وفي موضوع يخصّ العرب في الداخل، مسألة تفضيل الخادمين في الجيش الإسرائيلي في مجال القروض الإسكانية، قررت “العليا” أنّ هذه “مكافآت” وليست تمييزًا ضد العرب! والفارق هنا واضح: إذا كانت المكافآت فردية، فلا حول ولا، ولكن ما بالك والمكافآت تتحول إلى نهج جماعي ينبني على ربطه بواجبات غير مفروضة على العرب؟ عندها يتحول ما يسمونه “مكافآت” إلى امتيازات جمعية لا يمكن إخفاؤها في قرار حُكم يصدر عن “العليا”.
من هنا، فإنّ محدودية فضاء “العليا” ووضوح أيديولوجيتها ورؤاها إلى الأقلية العربية الفلسطينية في البلاد، يجب أن يحملا قيادات وممثلي الأقلية إلى تطوير الخطاب الجماهيري النضالي، واعتماده الخيار الأول والأخير في وجه مؤسسات الدولة، على اختلاف مشاربها ومناهلها، رغم تشابه هذه المناهل وانحصارها في فكر صهيوني واضح، وفي المساحة الضيقة الحرجة بين “يهودية” و”ديمقراطية” دولة إسرائيل.
(نشرت هذه المادة في موقع ’’عرب48’’ بتاريخ 15 كانون الأول 2006)