العليا تصدر أمرًا في التماس “عدالة” يسمح للكاتب علاء حليحل بالسفر إلى بيروت
وذلك رغم معارضة نتنياهو ويشاي * العليا تأمر الدولة بأن تفسر لماذا لا تحدد معايير واضحة ومتساوية للسماح للمواطنين بالسفر إلى الدول “الممنوعة”
أصدرت المحكمة العليا اليوم، الثلاثاء 13 نيسان 2010، قرارًا في التماس “عدالة” يسمح للكاتب والصحفي علاء حليحل بالسفر إلى بيروت للمشاركة في مهرجان “بيروت 39″، وذلك بالرغم من معارضة رئيس الحكومة ووزير الداخلية. كذلك أصدرت المحكمة العليا أمرًا للدولة بأن تفسر لماذا لا تحدد معايير واضحة ومتساوية للسماح للمواطنين بالسفر إلى الدول “الممنوعة”.
وقد ادعت النيابة العامة في الجلسة التي عُقدت بالأمس للبت في الالتماس أنّ بحسب سياسة وزير الداخلية السفر إلى بيروت ممنوع بشكل عام، إلا في حالات إنسانيّة قصوى. وعلّقت الهيئة القضائية (إ. حيوت وحـ. ملتسر وي. عميت) على موقف الدولة قائلةً بأنّه لا يوضح ما هي الحالات الإنسانيّة القصوى، ولا يُعطي تفسيرًا مقنعًا لمنع حليحل من السفر إلى بيروت.
وشدد مركز “عدالة” أنّ قرار المحكمة هذا يُؤكّد أنّ سياسة إسرائيل التي تتبعها منذ 1948، بفرض الحصار الثقافي على مواطنيها الفلسطينيين ومنعهم من التواصل مع أمتهم العربية، هي سياسة عشوائيّة ومميزة.
وكان “عدالة” قد التمس العليا في الشهر الفائت باسم حليحل بعد أن وصلته دعوة للمشاركة في مهرجان “بيروت 39″، عقب اختياره واحدًا من بين 39 كاتبًا عربيًا دون سنّ الأربعين، من أفضل الأدباء العرب الشباب. قدّمت الالتماس المحاميّة حنين نعامنة والمحامي حسن جبارين.
ولد علاء حليحل (35) في قرية الجش ويسكن حاليًا في مدينة عكا، وهو كاتب وصحفي وسيناريست ومحاضر ومترجم. ويعمل اليوم كمدير برامج في محطّة “ميكس” الفلسطينية. في السنوات الأخيرة نشر حليحل عددًا من الكتب بواسطة ناشرين معروفين في العالم العربي، وترجمت رواياته إلى لغات أجنبية عديدة.
وقد إختير حليحل في آب المنصرم، كواحد من الفائزين في “بيروت 39″، وهي المسابقة التي نظمتها مؤسسة “هاي فيستيفال” Hay Festival، بالتعاون مع وزارة الثقافة اللبنانية والمجلس البريطاني. ويأتي هذا في ضمن اختيار بيروت عاصمة عالمية للكتاب للعام 2009 الذي بادرت له اليونيسكو.
سيشارك الكتاب الذين تم اختيارهم في المسابقة، في فعاليات المهرجان المنعقدة في أماكن مختلفة في بيروت مثل المكتبات والجامعات والمدارس والأماكن العامة الأخرى. وستنعقد حوالي 50 حلقة تتناول مواضيع شتى مثل طبيعة الكتابة وحالة الأدب العربي المعاصر، نفوذ الكتابة وإلهاماتها. كما سيقوم الكتاب بقراءة مؤلفاتهم.
يمنع القانون الإسرائيلي -البند 5 من أمر تمديد فترة سريان حالة الطوارئ (الخروج من البلاد)- وبشكل جارف، أيّ مواطن أو ساكن من السفر خارج البلاد إلى الدول المعرفّة وفقًا للقانون الإسرائيلي كدول “عدو”، إلا إذا حصل المواطن على تصريح من وزير الداخلية أو رئيس الحكومة، وإلا فسيكون السّفر إلى خارج البلاد غير قانونيّ. وتشمل قائمة دول “العدو”: لبنان وسورية ومصر والأردن والسعودية والعراق واليمن وإيران.
بعد فوز حليحل وتلقيه الدعوة إلى بيروت، توجّه “عدالة” مرارًا إلى رئيس الحكومة ووزير الداخلية بطلب إصدار تصريح للسفر إلى بيروت، ولكنّ “عدالة” لم يتلق أيّ رد.
يحظى علاء حليحل بتقدير كبير في الأوساط الثقافية في إسرائيل وفي العالم العربي بسبب تعدد مهاراته التي تتراوح بين الكتابة القصصية والمسرحية والصحافية والسينمائية. وقد حاز حليحل في الماضي على العديد من الجوائز في مجال الأدب، من بينها نذكر جائزة مؤسسة القطان الفلسطينية للثقافة والفنون، التي حصل عليها ثلاث مرات في الأعوام 2000 و2003 و2005 وجائزة السيناريو الأفضل التي حصل عليها في مسابقة “آدم فلينت” في المهرجان الدولي لأفلام الطلاب في تل أبيب في العام 2004. وكان حليحل أحد أربع المرشحين النهائيين في المسابقة المرموقة لشركة “رولكس” السويدية في العام 2006.
وفي البلاد حصل حليحل على تقدير في المعاهد الأكاديمية التي تدرس المسرح والسينما، وقد كتب مسرحية قصيرة باسم “الجندي المخلص بالتأكيد” التي عُرضت في أحد المسارح في تل أبيب، إلى جانب مسرحيات أخرى عديدة آخرها “خبر عاجل” في مسرح “الميدان”. ويعمل حليحل في هذه الأيام على كتابة سيناريو لفيلم طويل ستخرجه الممثلة والمخرجة الفلسطينية هيام عباس.
وادعى المحاميان جبارين ونعامنة أنّ تقاعس السلطات عن اتخاذ قرار في طلب حليحل بالسفر إلى لبنان، وتجاهل طلباته المتتالية، يمس في حقوقه الدستورية، بما فيها حقه الدستوري بالسفر إلى خارج البلاد وحقه في حرية العمل وحرية التعبير. كما أنّ عدم إصدار تصريح لحليحل من دون سماع ادعاءاته يمسّ في حقه في الإجراء العادل.
تجدر الإشارة إلى أنّ كثيرين من أبناء وبنات الأقلية الفلسطينية في إسرائيل كانوا قد توجّهوا للسلطات الإسرائيليّة في ظروف مختلفة للحصول على تصاريح للسفر إلى الدول العربية المجاورة، إن كان ذلك لزيارة أقربائهم أو للاشتراك في مؤتمرات سياسية أو لأسباب دينيّة أو لأسباب صحافية وثقافية.
“إنّ البند 5 المذكور أعلاه الذي يحظر السفر إلى دول “العدو” هو بند جارف ومجحف. على السلطات تحديد معايير تحدد استعمال الصلاحية بتقييد السفر إلى خارج البلاد، آخذةً بعين الاعتبار ضرورة ضمان الإجراء العادل”- شدّد “عدالة”. وطالب “عدالة” في الالتماس بتحديد معايير واضحة لاستعمال وزير الداخلية ورئيس الحكومة لصلاحيتيهما بمنح تصاريح للسفر خارج البلاد إلى الدول المعرفة كـ”دول عدو”.
وقال الكاتب علاء حليحل تعقيبًا على قرار العليا: “سعدت جدًا بقرار السماح لي بزيارة بيروت للمشاركة في مهرجان “بيروت 39” وأعتقد أن هذا الحدث غير المسبوق منذ العام 1948 سيكون بادرة خير بكل ما يتعلق بتواصلنا مع
العالم العربي وخصوصا مع الدول التي تعرفها إسرائيل كدول عدو.
“بالنسبة لي ككاتب عربي فلسطيني، أنا وبقية زملائي من عرب الداخل، فإنّ هذه الخطوة ستزيد من تثبيتنا كجزء لا يتجزأ من المشهد الثقافي العربي العام، وهو بيئتنا الطبيعية والفورية. بيروت ودمشق هما جزء لا يتجزأ من تاريخنا وراهننا ومستقبلنا وهكذا ستظلان.
“أنا أفكر الآن بجميع المعايير والأمور التي ستتغير بعد هذا القرار ومن الصعب وصف سعادتي الكبيرة لهذا الإنجاز. يحق لنا أن نتواصل ونتثاقف مع عالمنا العربي الواسع ومن الجيد أن المحكمة العليا فهمت هذا من خلال هذا الالتماس الهام الذي قدمه مركز عدالة.
“نحن ننتظر الآن المرحلة القادمة التي ستتركز في المسألة الجوهرية والعامة الخاصة بالمنع الجارف ونتأمل خيرًا.”
(نشرت هذه المادة في مدونة علاء حليحل في تاريخ 13 نيسان 2010)