السيرك

بيكاسو يدخل إلى الحبكة

“كنتُ عائدًا من الافتتاح ليلة أمس”، قال الدال نقطة وهو يركّز جلسته نهائيًا على مقعده الجلديّ الوثير قبالة سمير. “كانت الساعة تقارب العاشرة ليلا وكنت ثملا بعض الشيء. استغرقني بعض الوقت لألحظ الورقة الموضوعة تحت مسّاحة الشباك الأماميّ. توقفت بجانب الطريق وخرجت وعدت بالورقة وقرأت: “عزيزي د.حكيم. أنت لا تعرفني ولذلك سأطرق الموضوع مباشرة، منعًا للشكوك

ليليان تنتقل للسكن عند سمير

جامعة حيفا من أغرب الأماكن التي عايشها سمير في حياته القصيرة. الدراسة للّقب الجامعيّ الأول استغرقته خمس سنوات بدل ثلاث، وأرهقته ماديًا ومعنويًا حتى تحوّل اللقب الجامعي -فخر العائلة- إلى كابوس ثقيل نغّص عليه حياته خارج الجامعة. مع الوقت، وبعد بداية عمله في متحف حيفا كمساعد تقنيّ، في سنته الجامعية الثانية، أخذ يتردّد على الجامعة أقلّ وأقلّ حتى أصبح من النادر جدًا أن يتواجد فيها لأكثر من يوم أو اثنيْن في الاسبوع. وحتى وإن حضر فإنّ معظم وقته كان يقضيه في المقاهي المتعدّدة في الجامعة مع أصحابه ومعارفه. هناك تعرف على عنات، وهناك أحبها.

عبلة تضرب تحت الحزام

كانت ساعة الحائط تشير إلى السابعة والربع مساءً. عليه الذهاب للقاء جولي ثم العودة سريعًا لأنّ أميرة ستكون بانتظاره في الشقة. هذا ما كان سيفعله بعد ذهاب ليليان إثر زيارتها المفاجئة لولا المكالمة التي تلقاها من د. حكيم.

عباس يستشيط غضبًا ويكتب عن الدعارة

الجريدة التي يعمل فيها عباس تقع في “الواد” في حيفا السفلى. العلاقة والارتباط بين الجريدة والمكان أدّيا في انسياب مثاليّ تلفه الألفة والرضا من الطرفيْن إلى وحدة مصير عجيبة (“وما هي الجريدة؟.. ها.. حدث مجرد؟.. ظاهرة ثورية مستقلة؟..الجريدة ليست إلا الناس العاملين فيها، إذا تغيروا تغيرت وإذا تبدلوا تبدلت”، كان عباس يصرخ على سمير عادة والسكر قد تعتعه،

عباس لن يصير فدائيًّا

حتى رائحة الكحول الحادة المنبعثة من فيه دومًا لم تكن لتمنعه من التمتع برائحة الشتاء الرطب المنبعثة من صفو صحو بعد منتصف ليلة ماطرة. الوقت: الواحدة بعد منتصف الليل في حيفا. أية ليلة. وعباس الجنوبيّ يصنع طريقه متكّئًا على سمير نحو شقته، عائديْن من بارهما المفضل. كان عباس أكثر ما يحبّه في تلك اللحظات الغناء. والغناء في تلك الظروف كان عبارة عن صراخ بشع يجمع بين جُمل وألحان عديدة جمعَها دماغ عباس المتعطل في وصلة واحدة طويلة كانت تصمّ آذان سمير.

غريغوري يختفي و”الناقدة الفنية” تغضب

الباب يُطرق بشدّة وإصرار. انقلب سمير على جانبه الآخر وحاول أن ينام ثانية. الباب يُطرق بشدّة. فتح عينيْه وجفل للحظة. كانت “الناقدة الفنية” نائمة بجانبه عارية من دون غطاء. رفع الغطاء عنه قليلا. هو أيضًا عارٍ. أعاد رأسه إلى الوسادة وحاول أن يتذكّر الليلة الماضية. عباس، دم، ماريحوانا… لم يمهله الطرق على الباب الهدوء الكافي ليسترجع الأحداث فانقلب على جانبه الآخر وغطى رأسه بالوسادة.

الدال نقطة ابن الزانية يفتتح معرضًا فنيًا

الافتتاح لم يكن بالحدث الرائع. البعض القليل من المدعوين غالبيتهم الساحقة من معارفه. كلمات الافتتاح كانت طويلة ومنهكة، والنبيذ كان رخيصًا وسيء الطعم. حتى مكيف الهواء لم يعمل تلك الليلة، وخيل له أنّ تيار الكهرباء سينقطع الآن وأنّ المبنى سيقع وأنّ لوحاته ستتمزق تحت أنقاض المبنى. بل خُيل له للحظة أنه سيُبدل الابتسامة الصفراء التي رسمها على وجهه منذ بداية المساء بتقاطيع غاضبة ستحمل الحضور على الهرب طلبًا للنجاة

Load more