hlehel

300 كلمة في اليوم (15): بيروت سقطتنا!

تتكسّر بيروت منذ سنوات ونحن نرى صورتنا تتكسّر في شقوقها؛ كنا نتألّم في البداية، نتابع بشغف ما كتبته “الأخبار” وما نشرته “السفير” وما بثته “المستقبل”، وكنتَ تجد في الناصرة ويافا وحيفا فلسطينيّين يعرفون بتمام الدقة متى يستيقظ ميشيل عون من نومه، ومتى يخلد سماحة السيد للنوم، ومتى يشعل جنبلاط أرغيلته، ومتى يضرط جبران باسيل. كانت بيروت وسياساتها جذابة كثيرًا: صحافة مطبوعة وإعلام متلفز وإذاعيّ عصريّان، يتموّلان بأموال نفطيّة غزيرة (نفط عربيّ خليجيّ ونفط أيرانيّ).. مجتمع يرقص ويسكر ويطرب رغم الحروبات والويلات، وكنا نطرب مع لبنان ولا نأبه بأنّ كل الساحة السياسيّة اللبنانيّة ليست إلّا ساحة خلفية ودمًى تحرّكها دمًى أكبر

300 كلمة في اليوم (14): جدّتي علياء وموسم الزيتون

أنا لا أحبّ موسم الزيتون.
كنتُ في الجش طفلًا “غير جسديّ”، أحبّ القراءة والكتابة والبرامج الإنكليزية المترجمة على قناة “سعد حدّاد”. ومنذ أن أخذوني أوّل مرة إلى موسم الزيتون، كرهت هذه العمليّة السيزيفيّة لالتقاط أعداد لا تحصى من الحبّ الأخضر، ومنعنا من ضرب الأغصان بالعصيّ أو “مَشْق” الحبّات مع الأوراق دفعاتٍ دفعاتٍ، لأنّ شجرة الزيتون مُقدّسة جاءت في القرآن، ولا يجوز ضربها أو إهانتها (لا أعرف لماذا لم يحرص الناس مثل هذا الحرص على أشجار التين، الواردة في القرآن أيضًا).

في كلّ سنة كانت النسائم الباردة الليليّة في الجش، نهايات أيلول، تبعث فيّ قشعريرة عميقة، لسبب أيجابيّ لا مجال لذكره الآن، ولارتباط البشائر بموسم الزيتون. أعتقد أنّ الكثيرين ممّن يحبّون موسم الزيتون، يحبّونه للذكريات الجميلة التي راكموها: لمّة العائلة لأيام في الأرض؛ تناول طنجرة المجدّرة وفحول البصل بلا حساب؛ وتكديس “شوالات” الزيتون السمينة في التراكتور أو طَنْدَر البيجو في تشييعها المُفرح نحو مثواها الأخير للمعصرة.

300 كلمة في اليوم (13): سيلفي فوق، سيلفي تحت…

من المسلمّات في أيامنا الفرتواليّة هذه، أنّ الصورة أضحت بألف لايك، وأنّ أيّ محاولة لنشر رابط لمقالة من دون صورة (حتى لو كانت 300 كلمة فقط!) ستُمنى بهزيمة لايكيّة نكراء، بل وحتى رسائل احتجاج وتشهير بالذي تجرّأ على نشر “شيء”…

300 كلمة في اليوم (12): قصيدتا حبّ مترجمتان

لانغستون هيوز أديب وناشط أسود أمريكيّ عانى العنصريّة وعانت عائلته العبوديّة، وفي مذكراته كتب أنّ “الكتب (هي) ما يسعدني، وأنا بدأت أومن بالكتب وعالم الكتب الرائع- حيث إذا عانى شخص، عانى في اللغة الجميلة”. هل تتجمّل المعاناة في النصّ؟ لماذا يرتفع الحزن العادي من أمر مبتذل إلى حزن “متميّز” جدير، مختزلًا ملايين الأحزان؟ لمجرد أنّه كُتب حبرًا على ورق؟… كيم أدونيزيو شاعرة وروائيّة عصيّة على التصنيف، حتى بميولها الجنسيّة، ولذلك يمكن ترجمة قصيدتها أدناه بأكثر من وجه: امرأة تكتب لرجل؛ رجل يكتب لامرأة؛ امرأة تكتب لإمرأة؛ رجل يكتب لرجل. وحديثها عن الحلمة و”خطوط الضوء الأنيقة” فوقها لا ينحصر ضرورةً في حلمة امرأة. الحلمتان تنبتان مع بداية الجنين، وتظلّان راسبًا جينيًّا عند الرجال بعد فرز جنسهم في الرحم. مع ذلك، تظلّ الحلمتان عينيِّ الصدر، كما أنّ العينيْن حلمتا الوجه.

300 كلمة في اليوم (11): #أين_آمنة؟!

“مرحبا. أنا أسجلكم هذا الفيديو اليوم لإنه ممكن يكون آخر فيديو بحياتي. وبرضو عشان تتأكدوا إنه أنا حقيقية وموجودة… حاليا أنا موجودة، لكن بعدين ما أعرف أيش ممكن يصير. وإذا انتشر هذا الفيديو وأشياء تانية تأكدوا إنه صار لي شي. والدي محمد الجعيد هوا المسؤول عن معاناتي… وبعدين عنفني جسديًا… وهددني إنه يطلعني من الجامعة إذا ما تزوجت… فما كان عندي أي حل تاني إلا إني أقبل الزواج وأنا مكرهة. وللأسف تهديداته ما وقفت على كده. ما زالت التهديدات مستمرة، وأنا ما أعرف أيش ممكن يصير فيني. فأنا احتمال يا إنه أنقتل يا إنه أدخَل إلى سجن دار الرعاية لسنين طويلة… ولضمانة لحياتي المهددة بالخطر فهي حتكون من خلالكم. وأنا حنشر كل الأدلة اللي تثبت كل كلامي. وكل شي حيُنشر عشان يعرف والدي والناس اللي مثله اللي تمارس العنف.. حييجي يوم وترتد الصاعقة عليك.. وحتعرف كل الناس إجرامك وانتهاكك لعرض غيرك. حنزلكم التويتر أكاونت تبع والدي في حال هذا الفيديو انتشر. روحوا عنده واسألواه أيش صار فيني.. أيش سوا فيني…”

300 كلمة في اليوم (10): اليوم العالمي للـ “بُول شِتْ”

في موقعها تشير الأمم المتحدة إلى وجود 145 يومًا دوليًا في شتى المواضيع، ومن يملك الوقت الكافي للاحتفال باليوم العالمي للبريد واليوم العالمي للجبال؟ وكيف يمكن الاحتفال باليوم العالمي للبريد؟ أن نبعث رسائل حبّ للغزال المرسوم على السيارات الحمراء؟ يبدو من معاينة هذه القائمة المرتبة حسب الشهور أنّ الكثير من “المتخوزقين” في العالم يملكون يومًا دوليًا، والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن فورًا: ولماذا لم يحظَ باقي المتخوزقين بأيام دوليّة، وهل هناك لجنة مهنية تجتمع في ريتريتات متكرّرة ولا نهائية في فنادق أربع نجوم للبحث في “بروبوزولات” قدّمتها جهات متخَوْزقة للفوز بيوم عالمي خاصّ بها؟

300 كلمة في اليوم (9): ريفلين والبطّيخ

هكذا، نكأ ريفلين الجرح الذي بدأ يتقيّح ويتّسخ في السياسة الإسرائيليّة، التي بدأت تنزع للفاشية المُمَأسَسة، ليثير أسئلة صعبة أمام اليهود الإسرائيليّين، تنسحب علينا نحن أيضًا، كفلسطينيّين مواطني الدولة. فمن جهة نسمع ونقرأ تصريحات وكتابات لفلسطينييّن من الداخل يعتبرون ما يحدث من صراع سياسيّ بين اليهود في إسرائيل أمرًا لا يعنينا، من مبدأ “بطيخ يكسّر بعضه”، ولأسباب صحيحة تاريخيًا ولا نقاش عليها: دولة إسرائيل مشروع دينيّ- مسيحانيّ تغلّف بممارسات كولونياليّة قام على حسابنا وحساب فلسطيننا، ولذلك فإنّ الصراع على هوية الدولة وطابعها ودفة حكمها ومستقبلها يظلّ أمرًا لا يعنينا، وهو شأن إسرائيليّ داخليّ. وبالفعل: ما هي إسرائيل التي يحنّ إليها ريفلين ويتوق للحفاظ عليها؟ احتلال وتهجير وعنصرية مغلفة بقوانين “دستورية” ومحكمة عليا ومؤسّسات حقوق إنسان وصحافة “حرّة”. ويقول الكثيرون: لذلك، ما يحدث الآن من تطرف وفاشية زاحفة هو أفضل لنا كفلسطينيّين لأنه ينزع الأقنعة عن هذه الدولة.

300 كلمة في اليوم (8): متعة وفرجة للأطفال

يوم أمس السبت، اصطحبْنا دشدوشة ودحدوح إلى العمل الجديد الذي انطلق به الممثل والمخرج أيمن نحاس، برفقة الموسيقيّ فرج سليمان: “شو قصة المثل؟”. العمل خليط جميل وممتع بين الفرجة المسرحيّة وبين “رفع الكلفة” مع جمهور الأطفال: أيمن يبدأ العرض بأزمة عدم حضور الممثّلين، ولذلك يدعو أطفالًا من الجمهور لأداء الأدوار المختلفة. يُلبسهم بملابس ويزوّدهم بأغراض (بْروبْس) ويروي قصة ثلاثة أمثال بمشاركتهم.

300 كلمة في اليوم (7): صورة أهليّة

لا أعرف إذا كان العميد في الحرس الجمهوري الأسديّ، عصام زهر الدين، الذي قُتل الأربعاء الماضي، قد امتهن القتل من أجل متعته الخاصّة، أم أنّه كان يقاتل من أجل قناعة لديه بأنه يحمي بلده، ولكنّني أعرف أنّه كان يحبّ التقاط الصور له بجانب أشلاء الجثث. لن أخوض في نقاش المع والضدّ بخصوص مقاتلي نظام الأسد وحلفائه الأجانب المرتزقة، لأنّ ما يعنيني عادة (ككاتب) في مثل هؤلاء الناس: متى بالضبط ينتقل المرء من كونه جنديًا مقاتلًا لغاية أو هدف، إلى روبوت غريب لا يكتفي بتنفيذ الأوامر، بل يبدأ بالتلذّذ بها.

300 كلمة في اليوم (6): “زعران” الحركة الثقافيّة…

تحدثنا أمس، صديقي ماهر وأنا، عن الاعتداء على مقهى ليوان في الناصرة، وكان ماهر قاطعًا وواضحًا: الاعتداء بقنبلة صوتية على حدث ثقافي لا يزيد خطورة أو تميزًا عن سطو مسلح على مصلحة تجارية أو شخص خارج من بنك. العنف هو عنف. حسنًا. مبدئيًا صحيح؛ لكنّ هل هناك فرق مبدئيّ وجوهريّ بين استهداف رجل ما لسرقة 100 ألف دولار منه، وبين استهداف حدث أدبي- ثقافيّ لترهيب الناس وتخويفهم من “الاختلاط” بين الذكور والإناث معًا؟ سيقول قائل: بالتأكيد؛ الحالة الأولى دافعها ماديّ ذاتيّ بحت لا علاقة له بالحيّز المجتمعيّ العامّ، ولا بالصراعات الدينيّة- الثقافيّة التي غزت مجتمعنا منذ سنوات. لكن: أليس استهداف مصلحة تجاريّة ضمن منظومة “الخاوا” هو خلل مجتمعيّ لا يقلّ خطورة عن الصراعات الدينيّة- الرجعيّة- التقدميّة؟

Load more