300 كلمة في اليوم (20): سَمَّسَ يُسِمِّسُ تَسميسًا!

أصدر مجمع اللغة العربية- الناصرة، مؤخرًا، نشرة مصطلحات تحوي ترجمات عربية معاصرة لمصطلحات تنتشر في حياتنا اليوميّة بالعبريّة، في مجالات القضاء والجغرافيا والقرطاسيّة والتربية والرياضيّات. لا شكّ في أنّ هذه المبادرة ممتازة وتحمل في طيّاتها عدة أمور هامة، منها توفير كلمات ومصطلحات بالعربيّة لمن يرغب، والتأكيد على ضرورة تجديد اللغة العربيّة وعصرنتها.

اللغة العربيّة المعياريّة (الفصحى) ليست لغة طيّعة ومرنة (رغم جمالياتها)، على عكس العاميّة المحكيّة، الرشيقة والمرنة والقادرة على نحت الكلمات ببراعة. لذلك، هي لغة الحريّة اليوميّة وتشغيل الخيال والإبداع، لغة الأمّ الحقيقيّة، الصديقة، كما أنّ الفصحى هي لغة الأمّة. وعليه، فإنّ محاولة ضخّ الدم والألوان المعاصرة في اللغة العربيّة المعياريّة أمر حاسم وبالغ الأهميّة، لأنّه يُقرّب اللغة من الناس ويشجّعهم على تبنّي مصطلحاتها، من دون أن يتّسم ذلك بالعنجهيّة والتكبّر والتنفير التي يتقنها شرطيّو اللغة البغيضون الذين يجلسون في الصف الأول بكلّ ندوة ويصرخون طول الندوة: “يا عمّي مرفوع مش منصوب”؛ “المستمعون وليس المستمعين!”، وهم بذلك يمارسون قمعًا وترهيبًا بدلًا من تحبيب الناس باللغة.

وتتميّز هذه النشرة الجديدة بالبحث عن مصطلحات حيّة، غير متذاكية وبسيطة قدر الإمكان، وهنا يكمن سرّ نجاحها برأيي. مثلًا: استخدام كلمة “دافعيّة” لترجمة מוטיבציה (Motivation)، وهي كلمة موفقة جدًا من حيث احتوائها على المعنى الجوهري للكلمة من دون استخدام كلمات عسيرة اللفظ أو الفهم، مثل: حَثّ ؛ حَفْز ؛ حَمْل ؛ دَفْع. وعليه، فإنّ عمليّة تعريب المصطلحات العبريّة أو الأجنبيّة يجب أن تسعى برأيي إلى أيجاد الكلمات التي تدمج بين كلمات أقرب ما تكون من المعنى الأصليّ وبين سهولة هضم هذه الكلمات في السياق اليوميّ أو الكتابة المهنيّة- التقنيّة المتداولة.

وبالمقابل ثمة كلمات لا يجدر ترجمتها لأنّها لن تؤدّي يومًا الغاية الأساسيّة من وراء هذه النشرة، وهي تحفيز الناس على استخدام كلمات عربيّة بدلا من الأعجمية، مثل ترجمة كلمة “تيبِكس” بـ “ماحٍ”. فلنعرّب كلمة تيبكس ولتصبح جزءًا من اللغة، تمامًا مثل الحاجة لتبني كلمات جديدة عصرية باللغة وتصريفها لأفعال، على غرار: سَمّس يُسمِّس تسميسًا. لمَ لا؟

(لتدوينات الـ “300 كلمة” السابقة)

 

تعليقات (0)
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *