مع “المتابعة”، بدون ولكن…

علاء حليحل

ليس جديدًا أن يتهجم العنصري أفيغدور ليبرمَن وزمرته من اليمين الإسرائيلي على لجنة المتابعة العليا لقضايا الجماهير العربية، ولكن الجديد فيما كُشف عنه هذا الأسبوع هو انتقاله من مرحلة التهجمات إلى مرحلة الفعل.

فالتهجم على الأقلية العربية وقيادتهم بعد هبة أكتوبر صار رياضة قومية عند مُنتخَبي وقياديي الأغلبية اليهودية، تُرجمت إلى ممارسات يومية، مُمَأسَسَة وشعبية، كان آخرها قتل المواطن الحيفي عماد خوري، هذا الأسبوع، بدم بارد، لا لشيء إلا لأنه عربي. وقد تطوّرت هذه المنظومة لتتجاوز التهجم على النواب العرب وقيادييهم، في المجال السياسي والعمل الأهلي، وتصل إلى المواطن العربي أينما كان.

وهذا الأسبوع، قرر ليبرمَن أن ينتقل من مرحلة التصريحات التي تُكسبه وحزبه وأمثاله من اليمين “ريتنغ” في الأوساط الشعبوية اليهودية، إلى مرحلة البدء بخطوات عملية وفعالة، في نظره، وربما بشكل موضوعي، لضرب القيادة العربية، مُتمثلة بلجنة “المتابعة” كهيئة عليا للجماهير العربية في البلاد.

وفي رسالته إلى وزير “الأمن”، نجم مجزرة أكتوبر، طلب ليبرمَن من براك ممارسة صلاحياته القانونية لإخراج “المتابعة” عن القانون. غير معروف بعد رد براك على هذا التوجه، والأرجح أنه لن يستجيب لليبرمَن، لأسبابه السياسية-الحزبية-الانتخابية، ولكن كُرة الثلج نمت وكبرت، وها هي تخرج إلى مسار تنفيذي فعلي، يتجاوز المسار الإعلاني العام.

لا بدّ من التشديد على أنّ لجنة “المتابعة”، رغم عللها ووهنها ونقاط ضعفها، ورغم أنها الجسم الذي نحب جميعا انتقاده، وبحقّ في غالب المرات، هي جسم هام وضروري وتمثيلي لنا، كغطاء فوقي، على مستوى القيادة والنخب على الأقل، لا زال يوفر مكانا للالتقاء والحوار والتناقش، في زمن صارت تعزّ فيه مثل هذه اللقاءات. ورغم أنّنا جميعًا لم نضنّ يومًا بمثل هذا النقد، إلا أنّ محاولة ليبرمان هذه يجب أن تعيد الأمور إلى نصابها، من جهتنا ومن جهة المنتقدين، ويجب أن تكون ناقوسَ خطر.

فضعف هذه اللجنة هو الذي يسمح لليبرمََن وأمثاله بالتطاول عليها واستهدافها، وعلى القيادات كلها أن تجيب، لا ببيانات شجب وتضامن، رغم أهميتها، بل بانتهاز هذه الهجمة لتجنيد الشارع والبدء بحملة تضامن واسعة، ترتكز وبالأساس على إعادة بناء لهذه اللجنة، تحسم نهائيًا مسألة استمرارية وجودها، وجدوى هذا الوجود.

نحن أقوى مع لجنة “متابعة” أقوى. هذه معادلة بسيطة يدركها كل عربي. ضعفها من ضعفنا وتفككها من تفككنا. فهل يمكننا أن نثير سخرية القدر، بأن نجعل من حملة ليبرمان بداية العافية المُرتجاة؟

 (نشرت هذه المادة في موقع ’’عرب48’’ بتاريخ 19 تشرين الثاني 2007)

تعليقات (0)
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *